بقي النشاط البدني والرياضي على مر العصور والحضارات وسيلة من وسائل التعبير البدني،الاجتماعي والثقافي وهو ركيزة التفاعل في المجتمع ويعتبر من أسس الحياة اليومية حيث كان قديما النشاط البدني والرياضي وسيلة وحيدة لضمان العيش أو بالأحرى لضمان البقاء، فكان يعتمد على الجري، الرماية والسباحة ولكن سرعان ما أدى التطور المذهل الذي شهده العالم بصفة عامة إلى خلق طرق جديدة لممارسة النشاط البدني والرياضي الذي يعتبر اليوم نوع من النشاطات الاجتماعية والثقافية التي تمس فئة كبيرة من الناس، بالإضافة إلى أنه أصبح ظاهرة تتحكم بقدر كبير في الروابط والعلاقات الاجتماعية بين الأفراد من حيث ممارسة النشاط البدني، وباعتبار أن الفرد خلال حياته يمر بمرحلة حاسمة هي مرحلة المراهقة والتي تضع أمامه مشكلات حادة لم يتعرض لها قبلا كصعوبة التعامل مع أفراد مجتمعه والاندماج فيه مما يعرضه لأزمات نفسية واجتماعية قد تؤدي به للدخول المحتم في متاهات الانحراف والانحلال. جاء النشاط البدني والرياضي كعامل يوفر للمراهق المكانة المركزية ضمن مجتمعه وسبيلا ناجحا يحرره من الطاقات الزائدة كما يبعده عن العقد النفسية ويضمن له قسطا كبيرا من المساهمة الفعالة لتكوين شخصية سليمة تتلاءم مع أفراد وسطه الاجتماعي، هذا ما جعل النشاط البدني والرياضي ظاهرة اجتماعية قائمة بذاتها وتحتل مكانة راقية في حياة الأفراد العامة والخاصة وذلك لما يعود به من نمو بدني وعقلي سليمين عليهم، كما أنه يطور العلاقات بين الأفراد ويقوي ترابطهم.
كل ذلك جعل النشاط البدني والرياضي يأخذ حيزا وافرا داخل المنظومة التربوية وهذا ما نلاحظه من خلال ما يقوم به التلميذ خارج أوقات الجدول المدرسي والغرض منه هو إتاحة الفرصة لكل تلميذ لممارسة النشاط الرياضي المحبب لديه. وأوكلت المدرسة للنشاط البدني والرياضي مهمة تكوين رجال ونساء الغد بحيث يكونوا مزودين بصفات بدنية ونفسية وأخلاقية تجعلهم صالحين للقيادة في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية وذوي مقاومة وصلابة في عالم لايترك أي مكان للكسل والتهاون.
لكن يبقى في بعض الأحيان واقع النشاط البدني والرياضي في بلادنا يشهد بأنه يمر بفترة جد صعبة سواء من حيث الرؤية الاجتماعية الخاطئة أو الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأسرة والتي قللت من وتيرة ممارسة التلميذ للأنشطة البدنية والرياضية أو سواء من حيث الظروف والعوامل التي تعيشها مدارسنا كالتأطير الذي يبقى غير كاف بالمقارنة مع الأعداد الهائلة للتلاميذ، أو من حيث الحجم الساعي لحصة التربية البدنية والرياضية الذي أضحى غير متكافئ مع ضخامة المهام الملقاة على عاتقها، أو من حيث العتاد والمنشآت الرياضية التي تبقى غير كافية لمزاولة تعليم مختلف فعالياتها بشكل عادي ومثمر، كما أن نقص التشجيع والتحفيز من طرف زملاء التلميذ وكذلك نقص ممارستهم للنشاط البدني والرياضي كان هو الآخر عاملا قلل منه وتيرة ممارسة التلميذ للنشاط البدني والرياضي.
لذا سيحاول الباحث في دراسته هذه التطرق إلى مدى حقيقة تلك الظروف والعوامل وما لذلك من علاقة بممارسة التلميذ الفعلية للنشاط البدني والرياضي والكشف عن مختلف جوانبها وتعرية جوانب خفية غض الطرف عنها كثيرا مثلت عائقا أمام ممارسة التلميذ للنشاط البدن
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/05/2022
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - كمال بن الدين العربية
المصدر : مجلة الابداع الرياضي Volume 2, Numéro 1, Pages 149-173 2011-06-15