في زمن غير بعيد كان الكثير من المغتربين يقومون خلال زياراتهم المتكررة لأرض الوطن في العطل الصيفية أو في شهر رمضان المبارك بمصارحة أقاربهم حول رغبتهم الجامحة في تزويج بناتهم من أولاد العمومة أو أحد أبناء جيرانهم من المعروفين بالصلاح والفلاح و من عائلة طيبة كما يقال رغبة تنم عن اختيار أفضل وخوفا من مستقبل مظلم لبنات قد يختطف قلوبهن "ڤاوري"كافر ونجس وهناك قصص كثيرة عن آباء من المهاجرين من جلبوا بناتهم للفسحة وقاموا بتزويجهن مع أبناء القرى والمداشر التي ينحدرون منها وأحيانا دون رغبتهن، زواج للفخر والاعتزاز " بولد لبلاد " حامي الديار والشرف العائلي من عار منتظر هناك في بلاد الغربة.
حدث هذا الأمر وعلمت به وأنا شاب مراهق في ثمانينيات القرن الماضي وتأكدت منه حينما ذهبت إلى فرنسا للعلاج ومكث هناك أكثر من ثلاثة أشهر حيث كانت خالتي حفصية رحمها الله تغازل في أمي عنّي قصد تزويجي بإحدى بناتها.. وبعد عودتي إلى بلدتي أخبرتني والدتي بالقصة وسرعان ما ثرت فيها وطرت متسائلا كيف لي أن أتزوّج بميڤرية متحرّرة متبرجة تلبس السروال كالرجال على حدّ تعبيرنا البريء آنذاك.
أما اليوم تغيرت الأمور وانقلبت الموازين وتحول ابن البلد من شاب متعفف، معارض ورافض لفكرة الزواج من المغتربات إلى باحث، متلهف لاهث وراء بنات ما وراء البحار للارتباط بأي فتاة من هناك ، لا يهمّه سنّها ولا لونها، لا شكلها ولا دينها ولا حتى ملتها والمهم بالنسبة إليه أنها تحمل جنسية "فافا"ولها بطاقة هوية أو جواز سفر (أحمر) فرنسي وحينما تتغير الأمور وتنقلب المثل والضوابط عكس عقارب القلب عفو الساعة لتتحول أمور الزواج إلى صفقات للبيع والشراء لوثائق الزواج من أجل الفيزا أو بطاقة الإقامة بالبلد الفلاني وحينما يتغير تفكير آباء "الميڤريات" مع تغير سعر الصرف في سوق العملة المضطرب دوما عندنا إلى أن أصبح يطالب " ابن البلد" من أولاد إخوته وأصدقائه بمبالغ باهضة و بالأورو من أجل قبول عقد قرانه بابنته لمدة معيّنة وفق المبلغ المقدم سلفا على الوثائق فقط علينا هنا أن نتساءل كيف كان مغتربونا وكيف نحن الآن، وبين زواج للمتعة الافتراضية بمقابله المادي وحلم الحياة التعيسة عفوا السعيدة هناك وصعوبات يومياتنا الاجتماعية هنا أفضل أن أعيش ديك في وطني على أن أنعم بالذل هناك.. ولكم الاختيار .
أما الميڤرية أو العروبية ما هي إلا تسميات عامية لا نقصد من خلالها الإساءة لأحد ... كلهن بناتنا وأخواتنا.
ع ع
Achiri31000@gmail.com
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/04/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : عشيري عبد السلام
المصدر : www.eldjoumhouria.dz