الجزائر

الميركاتو تجارب نووية في ملاعبنا..



من منكم يعرف واترفورد كريستال؟ أنا متأكد مليون بالمائة أنكم لا تعرفونه، فهو ليس بطلا رياضيا ولا نجما سينمائيا ولا زعيما سياسيا.. هو باختصار اسم حصان إيرلندي (..) متهم بتناول المنشطات.. والقضية وما فيها أن إيرلندا الجنوبية فازت بميدالية ذهبية واحدة في أولمبياد أثينا 2004 وفرح الناس كثيرا وتباهوا بأنهم يملكون فارسا ذهبيا أفضل من أبطال التاريخ الإنجليزي الذي يمقتونه.. وأصبح البطل الأولمبي في القفز الفني سيان أوكونور أشهر من الأمير تشارلز، كونه بطل قومي في رياضة النبلاء.. وصار حصانه واترفورد كريستال أشهر من كريستال بالاس.. لكن بعد عام من فرحة تاريخية أولمبية، سقطت أسطورة أوكونور في الماء حين أثبتت التحاليل التي أجريت على الحصان كريستال أنه تناول محلولين محظورين يدخلان ضمن المواد الممنوع استخدامها، وبالتالي فإنه استنادا لتقرير لجنة إثبات تناول المنشطات سحبت اللجنة الأولمبية الدولية الميدالية من أوكونور، ومنحتها للبرازيلي صاحب الحظ رودريغو بيسوا بعد مرور عام عن الأولمبياد الإغريقي.. أوكونور الذي يشهد له الناس بالأخلاق العالية والانضباط، وجد نفسه محرجا مرتين، الأولى عندما اختفت وثائق التحليل الأول من مقر الاتحاد الإيرلندي للفروسية، وقال أوكونور إن أعداءه يقفون وراء ذلك.. والثانية عندما أقسم على أنه ومدربه لم يقوما بأي فعل مقصود.. فمن دفع الفاتورة؟ هل هو واترفورد كريستال الذي ابتلع المنشطات في الإسطبل، أم هي مؤامرة إنجليزية (..).. على أيّ حال الحصان لم يعترف إلى اليوم.. وأنا أقرأ هذا الخبر قلت لأحد أصدقائي هل يمكن أن نسمي المنشطات في الوسط الرياضي بالإرهاب الرياضي؟ فقال نعم.. وأكثـر. ولا شك أن أمثلة تناول هذه المواد تمثل قمة الغش والقفز على الروح الرياضية، ولنا في الكندي بن جونسون المثال الأوضح وعشرات الرياضيين الذين جاؤوا بعده وغامروا بتاريخهم بتناول مواد تهيج العضلات وتمنح الجسم طاقة إضافية غير طبيعية لضمان التفوق.. منذ أيام طلع علينا الفرانكو-كاميروني، الرياضي والمغنّي يانيك نواه، بطل رولان غاروس 1983، ليقول إنّ على العالم أن يبحث في سرّ التفوق الشامل للرياضة الإسبانية، ويوعز كلّ ذلك إلى أن وراء القدرة البدنية الهائلة للإسبان هي استخدامهم لعقاقير ومنشطات، بغطاء من الحكومة (..). وهو كلام ليس جديدا في رأيي، فبعض الإسبان يشكك في قدرات نادي برشلونة الذي أبهر العالم بأداء غير مسبوق.. ما جاء على لسان يانيك نواه له حساباته.. ولكن هذا لا يعني أن مسألة المنشطات التي تعبث بالروح الأولمبية (..) لا تُطرح بحدّة كلّما كان هناك إنجاز خارق.. فقد أثار العالم أسئلة كبرى بعد تألق أوروبا الشرقية في مختلف دورات الأولمبياد، وتحدث الخبراء عن وجود مختبرات عالية الدقة تستخدمها ألمانيا الشرقية في إعداد رياضييها، وأنّه من الصعوبة بمكان الوصول إلى اكتشاف المواد المحظورة المستخدمة في تنشيط الذهن والعضلات (..) وقيل حينها، إن دول أوروبا الشرقية وكوبا، قد تسمح بدخول ثكناتها العسكرية، لكنها تمنع دخول مراكز التحضير والتدريب الرياضي، لأنّ ما تحققه رياضيا على المستوى العالمي، أكثـر تأثيرا مما تحققه جيوشها.. وانهار جدار برلين، وبقي اللغز قائما.. وأقدم الصينيون في التسعينيات على توظيف عقاقير تقليدية في تنمية قدرات الرياضيين، مما جعلهم يحصدون كثيرا من الألقاب في السباحة وألعاب القوى، غير أنّ ذلك لم يعمّر طويلا، حين اكتشف لغز عقار ''ما'' السحري الذي استخدمه الصينيون، بعد أن أدركوا سرعة تأثيره، دون أن يصنّف ضمن محظورات المواد المنشطة.. لا أعتقد بأن لاعبين يتسمون بالموهبة العالية، في ظلّ التطور العلمي الهائل، يُقدمون على تدمير مسارهم الرياضي باللجوء إلى مواد ممنوعة.. لكن هذا قد يحدث مثلما كان مع بن جونسون وماريون جونز ومارادونا ومارتينا هينغز.. الذين مهما بلغت مواهبهم يظلون جناة في حق الرياضة النظيفة. ويقود الحديث عن المنشطات إلى ما أثاره مؤخرا لاعبون دوليون جزائريون من أنّهم كانوا مع رياضيي ألعاب أخرى، أشبه بفئران تجارب في مختبرات أوروبا الحمراء (..) وأنّهم ربما كانوا في الثمانينيات عرضة لاستخدام متواصل لمواد خطيرة، دون أن يدركوا تبعات ذلك.. وما يذكره اللاعبون أنّهم كانوا يتناولون حبوبا أو حُقنا في معسكرات التدريب، وهو ما أكّده أحد كبار المختصين في الطبّ الرياضي. فهل كان رياضيونا ضحية مخطّط أقدم على تطبيقه ''أطباء أجانب'' في غفلة منّا، مما أدّى إلى إنجاب أطفال معاقين؟.. وهل ما يطالب به الرياضيون المتضررون والشخصيات الرياضية بضرورة فتح تحقيق لكشف خبايا هذه الفضيحة غير الرياضية ذات التبعات الإنسانية المؤلمة، من شأنه أن يؤكد حقيقة الاستعمال الممنهج للمنشطات في بلدان أوروبا الشرقية؟.. ربّما. ولا أغالي إذا قلت إنّ ما تعرض له رياضيونا قبل ثلاثين عاما.. لا يختلف عن الذي تعرضت له صحراؤنا قبل خمسين عاما من التجارب النووية الفرنسية التي أدت إلى إنجاب أطفال مشوّهين بسبب الإشعاعات الذرية القاتلة.. فالذي يقتل بحقنة منشطة في مركب 5 يوليو لا يختلف عن الذي يقتل بقنبلة نووية في.. رفان وإنيكر. 


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)