تحول اعتراض المواطنين للمواكب الرسمية للوزراء أو الولاة أثناء تنقلاتهم فيما يسمى بالزيارات الميدانية التفقدية، إلى عادة شبه يومية وسلوك جديد لم يكن معمولا به من قبل، وهو ما يعني أن هناك تحولا سريعا في الأشكال الاحتجاجية لدى الجزائريين لا علاقة له تماما بما كان يجري في الماضي. يأتي هذا بعدما كان المواطن يخاف حتى من مجرد الإمعان في النظر لمعرفة اسم الوزير القابع في السيارة ذات الزجاج فومي ، لاعتقاده أنها ستعرضه ربما إلى سين وجيم وإلى ما لا تحمد عقباه ! لقد أصبح اليوم توقيف موكب رسمي واعتراضه في الطريق السريع أو الولائي، من طرف المواطنين، مجرد لعبة أو هواية لدفع المسؤولين، عنوة، إلى التكفل بمشاكلهم وافتكاك قرار فوري منهم. أكثـر من ذلك، لم يعد مثل هذا السلوك لنصب فوباراج لسيارة رئيس الدائرة أو الوالي أو الوزير مجرد فعل منعزل أو حب استعراض، بل تحول إلى قناعة لدى أغلبية الجزائريين بأنه الحل لمن يريد الحلول، خصوصا في الولايات البعيدة عن العاصمة، حيث لا يوجد لا مقر للحكومة ولا مبنى للبرلمان ولا مقر للرئاسة يمكن الاستئناس بها لتقديم الشكاوى.
هذا التطور الجديد للمواطنين في السعي لتحقيق مطالبهم بقطع الطريق أمام الوزراء والولاة، يجب أن يحظى بدراسة جادة من طرف أعلى المسؤولين في الدولة وبالشكل الذي تغير فيه كلية طريقة التعامل مع قضايا الشعب، بتطليق الوزراء والولاة نهائيا سياسة الوعود الكاذبة أو الالتزامات الوهمية التي اعتمدوها لسنوات كوسيلة يعتقدون أنها مثلى وتستجيب لمقولة تخطي راسي . إن كثـرة الوعود غير المحققة التي قدمت للمواطنين، سواء في المواعيد الانتخابية أو خلال مرافعات الوزراء والولاة عند تقديم برامجهم، قد خلقت لدى الجزائريين، مع مرور الوقت، ما يشبه التطعيم ضد الديماغوجية وضد لغة التبلعيط للوزراء والولاة، والى درجة أنه لم يعد المواطن البسيط يكره سماعها فحسب، وإنما تسب له حساسية الثوران لأتفه الأسباب.
هذه الوضعية تستدعي ضرورة التعاطي من الآن مع مشاكل الجزائريين بقول الحقيقة، كل الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة ، لأنه ما دون ذلك، فإن المواطنين الذين انتقلوا من الاحتجاج بإشعال العجلات المطاطية وغلق الطرق بالمتاريس، إلى الاحتجاج عن طريق الانتحار بحرق الجسم، لا أحد يضمن أنهم لا يتجاوزون مرحلة اعتراض المواكب الرسمية للوزراء والولاة إلى استعمالهم كرهائن إلى غاية الاستجابة لمطالبهم، وهذه حقيقة مطروحة يجب تداركها قبل أن تقع الفأس في الرأس، لأن درجة معاناة بعض فئات الشعب تهدّر العفّون وتخرجه من جلده، كما يقال.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 04/03/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : ح. سليمان
المصدر : www.elkhabar.com