غير خاف على المهتمين بقضايا اللغة والأدب أنّ الاشتغال في أي حقل من هذه الحقول خارج مدار «المنهج» هو نوع من الفوضى المعرفية، ولا شكّ أنّ كل ممارسة معرفية من هذا القبيل قد لا تكتفي بإفراغ التراث الخاص بأمّة من الأمم من محتواه الإبداعي الحقيقي، بل تعمل على تحويله إلى عقبة من شأنها أن تقف عائقا أمام كلّ نمو حضاري، وتطور معرفي، من هنا يكتسي المنهج في مجال اللغة والأدب قيمة كبيرة، إذ بفضل المنهج بنى فلاسفة الإغريق وعلماؤها أنساقاً معرفية ما تزال إلى يومنا هذا تستبد بأفكار المعاصرين وتثير إعجابهم، كما امتلك العرب خلال عصور حضارتهم الذهبية مفاتيح التفكير، والتحليل، والإبداع، وأنتجوا أنساقا فكرية وعلمية في مختلف المجالات، بحيث صارت منطلقا للتفكير والرؤية لبناة النهضة الحديثة، وبفضل المنهج أيضا ظهرت الثورات الثقافية في العصر الحديث في أوروبا والشرق والغرب على السواء؛ وهي قضية شغلت -ولا تزال- بال الباحثين الأكاديميين على مختلف مشاربهم واختصاصاتهم، فلا يكاد أي بحث جامعي في الوقت الراهن يخلوَ من الخضوع لمنهج معين على حسب تخصّص تلك الأبحاث الجامعيّة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/12/2021
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - صافية كسـاس
المصدر : اللّغة العربية Volume 13, Numéro 2, Pages 129-144