صدرت مؤخرا الترجمة العربية لكتاب "المقامرة الجزائرية: أزمة تجربة وتأملات" للإقتصادي والمحافظ السابق لبنك الجزائر المركزي (1989- 1992) عبد الرحمان حاج ناصر الذي حاول من خلاله الإحاطة ب"الآليات الإجتماعية والتاريخية التي تعيق تقدم الجزائر" في مسيرتها الإقتصادية وغيرها من المجالات.
ويؤكد الإقتصادي الجزائري في مؤلفه الصادرعن "منشورات البرزخ" والذي ترجمه عن النسخة الفرنسية الأصلية -الصادرة في 2011- أحمد بن محمد بكلي على أنه "لا وجود لتنمية مستدامة من غير وعي بالذات" و"من غير معرفة انتروبولوجية وسوسيولوجية" للبلد ولتاريخه وثقافته.
وعبر ال222 صفحة للكتاب يولي المؤلف أهمية كبرى ل"الوعي بالذات" من كونه "المنطلق نحوأي نهوض اقتصادي" حيث يشدد على أهمية إدراك الذات التاريخية وضرورة الإعتراف بكل المراحل التاريخية التي مرت بها الجزائر "من دون عقدة".
ويرى عبد الرحمان حاج ناصر أن القطيعة التاريخية هي التي تغيب الإمكانية المتاحة للتعرف على الذات وهذا يؤدي إلى "كراهية الذات" وهوالسبب -يضيف المؤلف- الذي "يفسرسلوكاتنا" في مجالات مختلفة و"الحيرة" التي نعاني منها حاليا والتي تجعلنا "نتردد في الإختيار(بين النمطين) الغربي ام الشرقي".
ويضرب الإقتصادي الجزائري المثل باليابان وتركيا فالأولى -كما يقول- تعلمت التقنيات المستقدمة من الغرب ومتنتها بالمقومات الروحية والتقاليد اليابانية فتحولت بسرعة إلى قوة عظمى في حين بقيت تركيا غارقة في التخلف لأنها اختارت التقليد المطلق ولم تبدأ الخروج منه إلا مؤخرا حين بدأت تعيد الصلة بماضيها.
ويؤكد عبد الرحمان حاج ناصرعلى "أهمية دور النخبة" حيث يعتبر أنه "لا وجود لحكامة وفق مقاسات الفعالية دون وجود نخبة وطنية" والتي دورها ونوعيتها معطيان أساسيان في تسييراقتصاد أوبناء دولة.
ويتأسف الإقتصادي الجزائري لسلبية دور النخبة عبر أغلب مراحل التاريخ الجزائري وتغييب بعضها أيضا مبرزا خصوصا أهمية النخبة الإقتصادية في الوقت الحالي.
ومن جهة أخرى يعتبر المحافظ السابق للبنك المركزي الجزائري أنه لا وجود لاقتصاد ناجع دون ديمقراطية تقوم على الحوارووجود هيئات للرقابة تحارب الفساد وأيضا وجود شرعية شعبية ودولة القانون.
وعبر تحليل مقتضب لاقتصاد الجزائر منذ الإستقلال وإلى اليوم مرورا بأزمة
1986 البترولية وإصلاحات 1988 يؤكد المتحدث خصوصا على "أهمية المنظومة المالية" وعلى حد قوله فإن إنقاذ البنوك حاليا هو"أكثرأهمية" من الحصول على جيوش قوية.
وفي هذا الإطار يشدد الإقتصادي الجزائري على أن وضعية القطاع البنكي هي
من أفضل الصورالتي تحدد شكل الدولة مضيفا أنه "لا وجود للحرية حتى وإن تعلق الأمر بالحرية الإقتصادية من دون وجود دولة قوية تقوم على النخب".
ويعود الباحث في جزء آخرمن الكتاب إلى "صعوبة" الخيارات الإقتصادية التي
"تم فرضها" على الجزائر بعد انهيار الإتحاد السوفياتي مستعرضا تجربته المهنية الشخصية في بعض المؤسسات العمومية الجزائرية ثم في القطاع الخاص مؤكدا في نفس الوقت على "أهمية دورالدولة" في أي تخطيط مستقبلي لاقتصاد البلاد.
كما شدد على أهمية "تراكم الخبرات والمهارات" وأيضا انماط الحياة والتفكير التي يربطها بتنظيم البنية البشرية معتبرا أن التحكم التقني بكافة أشكاله (الجامعات ومكاتب الدراسات ومراكز الابحاث والتنمية ..) هوالناقل الأساسي للتراكم مدللا على حديثه بالنهوض الكبيرالذي شهدته ومازالت تشهده كوريا الجنوبية.
وتطرق من جهة أخرى الإقتصادي الجزائري إلى أهمية "الإسقاطات المستقبلية" وضرورة التخطيط المستقبلي للإقتصاد والتفكيرللسنوات المقبلة وأيضا "التحكيم" الذي عرفه بالشفافية في "اتخاذ بها القرار" متأسفا ل "سلبية التحكيم" والتي أرجع تاريخها إلى عهد الدولة النوميدية الأولى.
واعتبرالمتحدث أن "الإنضباط" (التحكم في الذات) و"السلطة" (حضوروهيبة الدولة) من الشروط الضرورية لقيام المجتمع بمؤسساته المختلفة.
ويعود عبد الرحمان حاج ناصر ليؤكد مرة أخرى على أن المؤسسات الإقتصادية لا جدوى منها ما لم تأخذ بعين الإعتبارالواقع المجتمعي والتاريخي للبلاد.
وجاء الكتاب -الذي تشوبه بعض الأخطاء الإملائية والنحوية- في 4 أجزاء هي "المعادلات الأساسية" و"الصيغة السحرية" و"الشروط الضرورية" و"النتيجة" مضافا إليها 7 ملاحق عبارة عن مقالات وحوارات صحفية سابقة للمؤلف.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/02/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : س
المصدر : www.elmassar-ar.com