أصبح المعلم مع تزايد الضغوطات النفسية الناتجة عن ظروف مهنة التعليم وصعوبتها والاكتظاظ الذي تعرفه الأقسام والوقوف المستمر لمدة ساعات طويلة عرضة لعدة أمراض خطيرة لكنها إلى حد الآن، غير معترف بها وليست مصنفة قانونيا في قائمة الأمراض المهنية ما عدا مرض تلف الحبال الصوتية الذي صنف مؤخرا ضمن قائمة الأمراض المهنية، مقابل انتشار أمراض أخرى نتيجة احتكاك هؤلاء بمواد خطيرة داخل المخابر على وجه الخصوص وانتشار أمراض الحساسية بمختلف أنواعها، والأمراض الصدرية، بالإضافة إلى مرض الأعصاب وما ينجر عنه من ضغط الدم والأمراض التنفسية، وانتشار أمراض المفاصل التي تصيب الأساتذة والمعلمين جراء الوقوف المطوّل كالإصابة في الظهر والساقين، وتصلب الشرايين أو ما يعرف بمرض الدوالي، حيث تشير الأرقام إلى إصابة 20 بالمائة من عمال القطاع بهذا المرض.
وتعاني فئة المعلمين من الانهيارات العصبية والوسواس والتعب والإرهاق إلى حد الاحتراق النفسي،والشخير والأرق والهذيان وفقدان الذاكرة، وقد تصل إلى حد الجنون في بعض الأحيان، وهذه الأمراض لا يتم معالجتها في بدايتها لانعدام هيئة مكلفة بالكشف الصحي، حيث في كثير من المرات يتفاجأ التلاميذ في بوقوع المعلم أرضا وإصابته بالسكتة القلبية والوفاة.
و يوجد معلمون يزاولون وظيفتهم رغم إصابتهم بنوبات عصبية وبعضهم يدرسون وهم مصابون بالصمم، ويرفضون ترك الوظيفة مقابل منحة العجز التي لا تصل قيمتها إلى قيمة الراتب الشهري، ويفضل المعلم الاحتفاظ بوظيفته رغم عدم قدرته على العمل.
تعرض المعلم"ع،ب" صاحب 50 سنة ، المدرس بإحدى ابتدائيات بمدينة سكيكدة، بمتاعب في الرؤية، وعند فحصه من قبل مختص بأمراض العيون، تأكد هذا الأخير انه مهدد بفقدان البصر في حال عدم قيامه بعملية مستعجلة ، لتصحيح الشبكية، إلا لسوء طالعه أن العملية التي أجريت له بعيادة طب العيون بعنابة على د مختصين باءت بالفشل، بالرغم من أنها لم تكن خطيرة أو حرجة، وقد جابه العديد من العقبات في سبيل القيام بالفحوصات المتتالية ، والعديد من التحاليل، مما جعله يغيب تماما عن المدرسة، ويدخل في عطلة مرضية مفتوحة، وتفرقت به السبل فمرة عند الضمان الاجتماعين ومرة أخرى بأروقة مصلحة طب العيون بعنابة ، وفي كثير من الأحيان الطبيب لا يكون في الموعد، وكاد "ع، ب" أن يفقد عينه لو أعاد العملية في ذات المصلحة، ليتوجه إلى تونس وأجرى عملية ثانية كانت ناجحة ، ليستعد نظره، بعد رحلة الصيف والشتاء،التي كادت أن تعصف بنظره، وذلك في غياب كل مصالح قطاع التربية، ولولا تفهم مدير المدرسة لكان قد فقد منصبه.
والعديد من الحالات المماثلة التي وقعت لمعلمين وأساتذة ، بداية من متاعب في الرؤية إلى العمى، و تجد الكثير من يتخذون النظارات الطبية، وذلك في أحسن الأحوال، لان البعض الأخر قد غادر سلك التعليم، لان نظره تدهور كثيرا، ولم يعد يقدر على الاستمرار في المهنة.
وينص القانون 88 - 07 المؤرخ في 26 جانفي 88 على طب العمل وهناك نصوص تطبيقية متعلقة بالآليات والقواعد العامة التي تنظمه كالمرسوم التنفيذي رقم 93- 120Åالمؤرخ في 15 ماي 1993 لكن القانون غير مطبق منذ أكثر من 19 عاما في قطاع التربية، وقد صدرت تعليمة سنة 2002 لإحصاء الأمراض المزمنة في قطاع التربية لكن لم تطبق لغياب الإطار الطبي المخول له متابعة الحالات المرضية، لهذا تطالب النقابات بشكل عاجل مسؤولي وزارة التربية الوطنية بانخراط قطاع التربية في هيكل طب العمل، وكإجراء استعجالي ترى ضرورة تشكيل لجنة خبراء تضم مختصين ومستشارين لتشخيص الحالات المنتشرة في قطاع التربية، وتكون اللجنة تابعة لصندوق الضمان الاجتماعي مع إخضاع العملية للإطار القانوني المنظم والمسير لطب العمل، وتطالب النقابات بالإسراع في تجسيد نتائج اللجنة المشتركة بين النقابات والوزارة لسنة 2010 لتخصيص طبيب عمل في كل ولاية خاص بالتربية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/01/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : خالد العيفة
المصدر : www.ech-chaab.net