''كل المعايير الديمقراطية احترمت في إعداد قوائم الترشح في حزبنا''. هذه العبارة سمعتها قبل أيام من فم مسؤول في حزب سياسي معروف وكبير. انتظرت أياما فإذا بي أجد صاحبنا يتصدر قائمة حزبه في ولايته ليستمر نائبا في البرلمان لعهدة ثالثة على التوالي، بعد أن دخل البرلمان منذ عام 2002، وكأنه ولد ليعيش ويموت نائبا، وأمثال صاحبنا كثيرون.
وحتى أكون منصفا لا بد أن أعترف أنني مدين لهذا السياسي بما يدين التلميذ لمعلمه، حيث تمكنت بفضله من تصحيح مفهوم المعايير الديمقراطية لنفسي بعدما كنت مخطئا في مفهومها منذ سنوات، وأدركت أن المعايير الديمقراطية هي أن تتشبث بالكرسي، وألا تترك الفرصة للآخرين حتى وإن كانوا أفضل منك.
وليس هذا سوى مثال عن الممارسة السياسية في الجزائر. فقوائم المترشحين التي رفع عنها الستار منذ بداية الأسبوع الماضي أماطت اللثام عن كثير من الكلام المعسول الذي يتردد من قبل التشكيلات السياسية، وبينت أن إقحام المرأة والشباب في ذيل القوائم لم يكن سوى لإرضاء الرئيس أو للتحايل على القانون أو لمغازلة هاتين الفئتين للخروج يوم 10 ماي للمشاركة ''في هذا المنعرج الذي يأتي في ظروف خاصة''، وهي العبارة التي يبدو أنها حققت الإجماع بين التشكيلات السياسية المتناحرة في محاولة يائسة لاستقطاب المواطنين لصناديق الاقتراع، بعدما سكن الخوف قلوب كل الأحزاب السياسية المعارضة منها والموالية للسلطة من تنامي المقاطعة نتيجة نوعية البرامج الجافة والوجوه التي تم ترشيحها للتشريع للشعب. ولمن أراد أن يتصدر قائمة أو أن يتحصل على إحدى المراتب الأولى فلا بد أن تتوفر فيه الشروط التالية:
1 ـ أن تكون للمعني خبرة في البرلمان لا تقل عن عهدتين.
2 ـ أن يكون مستواه الثقافي متواضعا، وألا يفقه في السياسة شيئا.
3 ـ أن يثبت نسبه لعائلة أحد القياديين البارزين في الحزب.
4 ـ أن يكون قد برهن عن فشله في تسيير شؤون المواطنين.
وفي المقابل يلتزم بما يلي:
1 ـ ألا يزور ولايته إلا في المناسبات الرسمية.
2 ـ أن يستعمل حصانته البرلمانية في حواجز الأمن والدرك.
3 ـ أن يظهر الولاء الأعمى لولي نعمته في كل الظروف.
4 ـ أن يشرك قيادة حزبه في ريع البرلمان.
تلك هي الشروط لكي تتمكن يا ابني من تصدر قائمة الترشح للبرلمان أو الظفر بإحدى المراتب المتقدمة فيها والتي توصلك إلى طريق تحقيق الترقية الاجتماعية وضمان حياة مريحة، بعيدا عن بؤس وشقاء المواطنين ولا بأس أن يكون المترشح ذا خبرة في النضال في أحزاب أخرى، وذلك حتى يتمكن من حصد أصوات الغاضبين على حزبه القديم.
وفي انتظار إعادة النظر في هذه الشروط المطلوبة لتصدر القائمة أو الظفر بإحدى المراتب الأولى، فإن التغيير المنشود مؤجل إلى حين، وتظل صفوف رواد الاستمرارية قوية تتعزز بممارسات أحزاب معارضة وموالية تدعي أنها تسعى للتغيير. وإلى أن يأتي ذلك الحين، فإن 11 ماي المقبل لن يختلف عن سابقه من الأيام، ويبقى مبنى زيغوت يوسف على حاله باستثناء تجديد طلائه وإضافة مقاعد جديدة تتوافق مع العدد الجديد لأعضائه.
أما السياسيون الذين يستعملون كل الطرق لدعوة المواطنين للتوافد على صناديق الاقتراع في اليوم الموعود، فإن حالهم لا يختلف عن حال ذلك الحاكم الذي يترك شعبه ينام فوق الجليد وفي الصباح يدعوه إلى السياحة.
mohidir@hotmail.fr
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 04/04/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : محمد تشعبونت
المصدر : www.elkhabar.com