الجزائر

المشورة القانونية كأساس لمسؤولية المحامي المدنية



المشورة القانونية هي الآراء القانونية الشّفوية أو المكتوبة المعطاة من المحامي للموكل بمناسبة تصرف قانوني أو دعوى قضائية أو دلك الرأي الذي يساعد الزبون تجنب صعوبة أو نزاع في المستقبل، وهذه المشورة تعتبر جزء من أنشطة المحامي اليومية . إنّ للالتزام بتقديم المشورة من طرف المحامي غالبا ما يكون قبل إبرام العقد ، إذ يجتمع الزبون مع المحامي لتلقي هده الخدمة منه، فهل الالتزام بالمشورة هو ذاته الالتزام بالإعلام؟ و هل لهدا الالتزام نفس القوة القانونية قبل التعاقد؟ مثل ماله بعد التعاقد؟ . مما لا شك فيه أن للمشورة السابقة عن التعاقد أهمّية كبرى، نظرا للدور الكبير الذي يلعبه هذا الالتزام في تنوير المتعاقد وتبصيره بكلّ مكنونات العقد الذي يُراد إبرامه، و لهده الدعوى التي سيُقْدِم عليها الزبون، وما ينطوي عليه من معلومات جوهرية، يكون لها الأثر البالغ في تكوين رأي من أجل إنشاء مركز قانوني معيّن. فهذا الالتزام القانوني يقع على عاتق أحد الراغبين في التعاقد، أو على كلاهما، للتبصير بالمعلومات الجوهرية في العقد، خاصّة وقد أصبح على غير أهل الاختصاص والخبراء، العلم والإحاطة بها، بطريقة تُمكّن الراغب في التعاقد أن يُكوِّن رضاء حرّا ومستنيرا. ومن هنا يتّضح وجوب الاعتراف بالالتزام بالإعلام و تقديم المشورة، حتى قبل إبرام العقد، فهي ضرورة لا مفرّ منها، حتى نتجنّب وقوع إرادة المتعاقد في عيوب الرضاء كالغلط مثلا، وذلك بهدف استقرار المعاملات، وتوخّيا للتوازن بين المراكز القانونية التي يُحدثها العقد، لأنّ من أهداف العقد السامية، هي نشر روح التعاون بين أطرافه، وإشاعة فكر التضامن بين أفراد الجماعة. ولا يُنقص هذا المبدأ القانوني المتمثل في وجوب الالتزام بتقديم المشورة و الإعلام قبل التعاقد، أنّ مصلحة أحد المتعاقدين قد تُضار من جرّاء هذا الالتزام، أو أنه قد يستفيد من هذا الالتزام في أحوال أخرى، عندما يكون دائنا بهذا الالتزام، فمراكز الأفراد من هذا الالتزام غير قارّة، بل متغيّرة، فمن هو مدين به هذه المرّة، يُصبح دائنا به في المرّة الموالية. وواضح أنّ النظريات التقليدية كنظرية التراضي التي تكفل حماية للمتعاقد إذا ما شاب رضاءه عيب من عيوب الرضا، مثل الغلط والتدليس والإكراه، أو نظرية الضمان، كضمان العيب الخفي أو ضمان التعرّض و الاستحقاق، لا تُغني عن وجوب الإقرار والاعتراف بمبدأ الالتزام القانوني للراغب في التعاقد بحقه في الحماية في مجال التعامل، نظرا للصعوبات الكبيرة التي يُواجهها المتعاقد في الإثبات حتى يستفيد من الحماية التي تكفلها له النظريات التقليدية، في حين أنّ الالتزام بالمشورة و الإعلام قبل التعاقد يكفل حماية أوفر وصيانة أوسع لمصالح الراغب في التعاقد، فيكفيه أن يُثبت وجود معلومات متّصلة بالعقد، كان يجهل جلّها قبل إبرامه للعقد، وكان الجانب الآخر في العقد على علم بها، ولكنه أخفاها عنه ولم يُفصح بها له وكتمها عنه، رغم علمه حاجته إليها، ممّا جعله يُقدم على التعاقد، حتى ولم لم يكن قد وقع في غلط، وحتى ولو لم يكن هناك عيب خفي، فالالتزام بالمشورة و النصح قبل التعاقد لا يلعب دور المصحّح للمراكز القانونية، ولا دور المعدّل لها، بل يلعب دورا وقائيا، تفاديا للوقوع في المطبّات القانونية، فالالتزام بالمشورة و النصح قبل التعاقد، التزام قانوني يُكمّل نقص النظريات التقليدية ويسُدّ العيوب التي تعتريها ويملأ الفراغ الذي يبدو عليها.

تنزيل الملف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)