أكد لنا الأستاذ الجامعي بن داود عبد القادر عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق بجامعة وهران - 2 - توجد قوانين فيها كل شيء و لا يوجد إنفاذ للقانون و لا أقول تنفيذه بل إنفاذ القانون وهذا موضوع ربما نتطرق إليه أكثر تفصيلا في مناسبات أخرى ، و قانون العقوبات الجزائري الصادر بالأمر 156-66 منذ صدوره في 1966/06/08 و توالي مختلف تعديلاته ثري جدا من الناحية القانونية المحضة، فالبلطجة حاليا بمعنى ترويع المواطنين و السلوك الرامي إلى بسط السيطرة و التنمر و استعراض القوة و التلويح بالعنف و الترهيب و التهديد به داخل العائلة و خارجها مع الناس و الإخلال بالنظام العام و إقلاق راحة السكان و التحرش و السب و الشتم و الضرب العمدي و القتل و الحرق العمدي و السرقة بالعنف و الكسر، و تحطيم ملك الغير، كل هاذه صور للبلطجة منتشرة تطرق إليها المشرع الجزائري في قانون العقوبات بشكل خاص و في الأحكام الجزائية الخاصة بقوانين عديدة، و البلطجة لم تعد كما كانت تشير إليها كثير من الدراسات الاجتماعية في الأحياء الفقيرة و الشعبية بل انتقلت حتى لأوساط المثقفين و المتعلمين على مستوى عالي بشكل مرعب و عجيب في مختلف الأوساط و مختلف القطاعات، و الإشكال أن (الملح) هو علاج للعفن فكيف يصير الحال إذا أصاب (الملح) العفن ؟؟ و ما ذكرناه هو التكييف القانوني في التشريع الجزائري للبلطجة و التنمر، و قانون العقوبات جعل صور التنمر و البلطجة في أصناف الجريمة الثلاثة من المخالفات إلى الجنح إلى الجنايات، لكن القوانين في عمومها جيدة و الواقع في عمومه سيئ جدا ، لكن المشكلة ليست مشكلة نصوص و لكنها مشكلة خلل مجتمعي و مرض قلوب و فساد نفوس، و إذا أصاب الإصلاح العطب وجب البحث عن سبل لإصلاح الإصلاح و اللبيب بالإشارة يفهم. و أعتقد أن الحل في معالجتها قبل محاربتها ، في الوقاية منها قبل تضييع الجهود في التخلص منها و من آثارها ، الحل في التربية على التواصل الإيجابي و نبذ ثقافة الكراهية بين المجتمع و الشعور بالضيم و الظلم والحقد و التعالي و التكبر و التنمر ثم بعد ذلك رفع منسوب الردع . كما لابد من تأهيل العاملين في الأسلاك الأمنية و القضائية و التربوية في إطار التكوين المستمر على تقنيات التواصل الإيجابي مع المجتمع و مع الضحايا ، حتى تعود الثقة في دولة الحق و القانون وحتى لا تنتقل عدوى التنمر و البلطجة من تطبيق قوة القانون إلى تطبيق قانون القوة و حتى لا تتحول المجتمعات السوية إلى غابات استوائية. أما عن انتشار مظاهر البلطجة بشكل واسع في المجتمع الجزائري فيرى الباحث القانوني أن هذا هذا من ظاهرة عموم البلوى و توسع دائرة اليأس العام و توسع دائرة عدم الاهتمام بما يحدث ، و حينما يصبح الفساد هو القاعدة تصبح الطهارة جريمة ، (لا أحد يتحرك) ظاهرة خطيرة لا تبشر بخير، لأن محاربة الجريمة مهمة الكافة و ليست فقط مهمة الأجهزة الأمنية بل هي من مقتضيات ( المواطنة الإيجابية) ، لكن التحسيس بخطر الظاهرة و نشر الوعي بضرورة معالجتها أول خطوات العلاج السليم بعد الانتهاء من التشخيص السليم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/02/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الجمهورية
المصدر : www.eldjoumhouria.dz