بداية تجدر الإشارة أن معالجة المسألة الثقافية لا تتم بصفة تجريدية بمعزل عن العوامل الأخرى، في هذا الإطار نعتقد أن أهم مدخل لطرح الإشكالية الثقافية هو ذلك الذي ينطلق من الثورة الاتصالية التي شهدتها وسائل الإعلام والاتصال، ومن هنا فإننا نحاول في هذه الورقة طرح علاقة الثقافة بتكنولوجية الإعلام والاتصال. والبداية تكون بمعرفة مكونات الظاهرة الإعلامية التي تتسم بالتداخل والتعقيد. ذلك أن المتمعن في المشهد الإعلامي على الصعيد الدولي يلاحظ أن الإعلام ارتبط تاريخيا بحركة الرأسمالية التي ازدهرت في القرن التاسع عشر، وتطور باتجاه العالمية والاحتكار، ويتحكم فيه منطق السوق، ويقوم على الملكية الفردية والربح والتنافس. كما أن هذا الإعلام مرتبط بسياق التكنولوجيات الحديثة التي دفعت الاتصال إلى مرحلة عالية من الكثافة والسرعة والانتشار، الأمر الذي أدى إلى تسريع نقل الرسائل وزيادة التفاعل بين المرسل والمتلقي. وهو كذلك مرتبط بالتجارة والصناعة والخدمات. (1)
على مستوى البنية التحتية شهد الإعلام تطورا هائلا من خلال الدمج الذي تم بين مختلف التقنيات الفضائية والإلكترونية والوسائط الإعلامية، مما أدى مع عوامل أخرى إلى التمركز والضخامة، حيث أصبحت المؤسسات الإعلامية عبارة عن مجمعات اقتصادية وتجارية متكتلة أكثر مما هي مؤسسات إعلامية وثقافية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 12/05/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - مخلوف بوكروح
المصدر : الصورة والاتصال Volume 1, Numéro 1, Pages 116-125 2012-09-01