يتسم مركز المستهلك في المجالات المخصصة للأنشطة المقننة بطابع خاص. وهذا يرجع لإخضاع هذه الأنشطة إلى قواعد قانونية خاصة يتدخل المشرع في وضعها، وتنظيمها وتأطيرها بشكل يجعل العلاقة بين المستهلك ومقدم الخدمة علاقة تخضع لنظام عقدي استثنائي. وما يلاحظ، أن هذه العلاقة تطغى عليها إرادة المشرع أكثر من طغاء إرادة الأطراف. فهذه الأخيرة تكون حبيسة القواعد التي تحد من حرية المستهلك في وضع شروط العقد من جهة وكذلك من حرية مقدم الخدمة أو الطرف الاخر في العقد من جهة أخري فكلا الحريتين تخضعان لارادة المشرع أو السلطة الضابطة للنشاط وهنا تثار مسألة التوازن العقدي أمام تدخل السلطة الضابطة التي كثيرا ما تتدخل لإعمال قواعد الحيطة والحذر للمحافظة على المصلحة العامة والمرفق العام أو الخدمة ذات الطابع المرفقي العام. فالأنشطة المقننة كثيرا ما تعنى بمرافق ذات طابع مرفقي خدماتي، كما هو الشأن في المجال المصرفي والمالي، التأمين، الصيدلة، وغيرها... فهذه المجالات تختص بكونها مجالات تخضع لنظام الترخيص، والتقيد بالنظم الخاصة بطبيعة القطاع المعني، هذا على الرغم من إعتراف المشرع بإقحام هذه الأنشطة في دائرة القانون الخاص وبذلك إخضاعها لقانون العقد الذي يعمل قاعدة العقد شريعة المتعاقدين. وعليه تبقى حرية المستهلك في انتقاء بنود العقد التي يراها مناسبة لمصلحته جد محدودة حيث تكاد تكون هذه العقود عقود إذعان في مصلحة مقدم الخدمة أو الطرف الاخر في العقد.
لكن هناك عامل اخر يتدخل ليقوي من مركز المستهلك في العلاقة التعاقدية ليجعله أقوى، لفرض شروطه، وهو عامل الوزن المالى للمتعاقدين. فالوزن المالي له أثر على المصلحة الاقتصادية في العقد. وهو عامل تأخذ به مقدم الخدمة أو الطرف الاخر في العقد الذي يرتضي أن يقبل بالشروط التي يضعها المستهلك إن رأى في ذلك تحقيقا لمصلحة اقتصادية له، وهذا شائع في العقود المتعلقة في الأنشطة ذات الطابع الاقتصادي عموما، والمالي والمصرفي خصوصا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/07/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - زاينة آيت وازو
المصدر : مجلة الحقوق والحريات Volume 5, Numéro 1, Pages 645-656 2017-04-15