إن الحديث عن مفهوم التلقي وفقا لما يمليه الدرس الترجمي، هو حديث عن ذلك الأفق الغربي الذي نشأت فيه هذه النظرية، بمجالاتها المعرفية والفلسفية التي جعلت من مفهوم التلقي يحقق بعدا تواصليا داخل الحقل الواحد (أي نظرية التلقي) وخارجه، ولعل الخصوصية التي امتاز بها مفهوم التلقي في تعامله مع الأدب والواقع المعرفي على اختلاف مجالاته، تكمن في وقوعه في نوع من التضارب مع مفهوم الماركسية ومجالاتها الأدبية، أو بعبارة أدق بين الوجودية واتجاهاتها الفلسفية والمنطقية، مما أدى إلى الوقوع في صراعات سياسية وفكرية، شهدها الفكر الألماني مع النظام الماركسي؛ الذي كان من أشد المناوئين والمعارضين لنظرية التلقي سواء من حيث الطرح الفلسفي أم الأدبي.
إلا أن ما يثير الانتباه في هذا المجال، هو ابتعاد الماركسية عن الواقع الأدبي وابتعاد القارئ أو المتلقي عن واقع عالم النص، ومن ثم راحت نظرية التلقي تعطي الاهتمام البالغ بالحرية الكاملة للفرد حتى يعيش واقعه الوجودي والمعرفي، وهو دليل على عدم إيمان أصحاب نظرية التلقي بمبدأ القوة والجبروت المسلط من قبل النظام الماركسي؛ مما جعل نظرية التلقي تبدو كحرب « مناوئة لهذا النظام الذي أحكم قبضته على القارئ، فجعله موجها بهذه الجبرية فترة طويلة في بلاد ألمانيا».
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/02/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - رشيدة بصافي
المصدر : أبحاث Volume 2, Numéro 2, Pages 121-128 2014-12-01