الجزائر

- المرأة الجزائرية درع الصحراويات وسند لهن في المحافل الدولية



أطلق عليها لقب غاندي الصحراء، فهي تؤمن كما قالت بأفكاره بشكل أعمى لأنها أوصلته إلى التحرر، وتأمل أن تصل بها هي الأخرى إلى تحرير بلدها من قيود المستعمر.. أحرجت ملوك ورؤساء دول بفضل شجاعتها النادرة، وطأطأت رؤوس البعض الآخر بقوتها، غير أن هذه القوة سرعان ما تتحول إلى ضعف حينما ترى أطفال بلدها يئنون تحت سوط الجلاد المغربي، ويتعرضون للتمييز في المدارس وللضرب في الشوارع، ترى في المرأة الجزائرية سندا ودرعا واقيا للمرأة في بلدها المحتل، وصوتها في المحافل الدولية التي لا تسطيع الوصول إليها، تأمل في استقلال بلدها باستعمال المقاومة السلمية وترفض مساندة الكفاح المسلح، هي الناشطة الحقوقية الصحراوية أميناتو حيدر، إلتقيناها على هامش الندوة الدولية ال 37 للتنسيقية الأوروبية لدعم الشعب الصحراوي بإشبيلية الإسبانية، وخصتنا بهذا الحوار.الشعب: كيف تقيمين نتائج الندوة الدولية ال 37 للتنسيقية الأوروبية لدعم الشعب الصحراوي؟
أميناتو حيدر: بالنسبة لي هذه نتائج روتينية، هي تقريبا نفس النتائج التي توجت أشغال الندوة ال 36 لكن لمسنا فيها نوعا من الحماس والجدية عند المتضامنين الأوروبيين والأجانب بشكل عام، وظهر ذلك جليا في التعاطي مع ملف الأراضي المحتلة وحقوق الإنسان، لأنه على أرض الواقع يوجد الكثير من الضحايا والقتلى، وهناك مصادرة لكل الحقوق، وبالتالي مفروض عليهم أن يقوموا بأعمال ملموسة في هذا الاتجاه، لمسنا كذلك من نتائج الندوة إصرار من المشاركين على أنه بات من المفروض الضغط على الحكومة الاسبانية وعلى الاتحاد الأوروبي والمنظومة الدولية للتحرك بشكل عاجل من أجل إيجاد حل لإنهاء مشكل الصحراء الغربية، وبالخصوص الأمم المتحدة التي ينبغي عليها أن تتحمل مسؤولياتها في هذا الإطار.
خارجا عن خلاصات الندوة، أجريت لقاءات على الهامش بين الوفود المشاركة، ظهرت فيها نوع من النقاشات الجادة، وقد تساءل المتضامنون مع القضية الصحراوية عن العمل الذي ينبغي أن يقوموا به، خاصة وأننا كمدافعين عن حقوق الإنسان نادينا في أكثر من مناسبة، بأعمال واقعية ودعم ملموس، فنحن لسنا بحاجة لدعم الإنسان فقط، بل لدعم سياسي ملموس وقائم على أرض الواقع حتى تغير الحكومات الغربية موقفها وبشكل خاص اسبانيا التي تعتبر القوة المديرة للأراضي الصحراوية المحتلة، والمسؤولة عما يعانيه الشعب الصحراوي بكونها انسحبت قبل تصفية الاستعمار، والحكومة الفرنسية التي تدعم الاحتلال المغربي بشكل مفضوح، وتدافع عنه في خرق صارخ للقانون الدولي، وبالتالي ينبغي على المجتمع المدني الاسباني والفرنسي التحرك من أجل الضغط على هذه الحكومات.
على ذكر الضغط على الحكومات الاسبانية والفرنسية، طرح البرلمانيين الأوروبيين خلال أشغال الندوة مبادرة للضغط على الأمم المتحدة لدفعها لتطبيق استفتاء تقرير المصير في الأراضي الصحراوية المحتلة، هل ترين هذه المبادرة كفيلة بتحريك القضية الصحراوية من الجمود وإيجاد حل عادل لها؟
نتمنى ذلك، لكن في المقابل فيه تصويت من قبل 30 دولة لصالح تمديد اتفاقية الصيد البحري وهذا يناقض ما يقال، لأنه على حسب ما أصبحنا نلمسه فيه اهتمام بالمصالح الاقتصادية والجيوستراتيجية أكثر من حقوق الإنسان واحترام مبادئ حقوق الإنسان ومبدأ القانون الدولي فيما يخص الإقليم المحتل.
كيف تتوقعين موقف الحكومة الاسبانية اتجاه القضية الصحراوية بعد التغيرات الجديدة التي طرأت عليها؟
لنا الثقة الكبيرة في القواعد الشعبية الاسبانية ونتمنى أن تضغط هذه القواعد بشكل كبير على الحكومة الاسبانية، إلا أن فيه مؤشر خير لأن أول مرة تعترف حكومة اسبانية بمسؤوليتها اتجاه الشعب الصحراوي وهذا أقرت به الحكومة في ظل الرئيس الجديد راخوي.
تتدخل الكثير من الدول الأجنبية في الدول العربية مثل سوريا وليبيا باسم حقوق الإنسان لكن في نفس الوقت يتغاضون عن قضية الصحراء الغربية كيف تفسرين هذه المفارقة؟
للأسف الشديد فيه تواطؤ من جل دول المنتظم الدولي، وبالخصوص فرنسا التي تملك حق الفيتو، والتي تعد العائق الكبير والمعرقلة الأولى أمام تقدم السلام في المنطقة.
من جهة ورقة، يعد هذا التدخل ورقة ضغط نمتلكها نحن الصحراويون، لأنه لا يعقل أن تتدخل أمريكا وفرنسا في ليبيا وتقتل آلاف المدنين الأبرياء من أجل إقرار الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، في وقت تغفل فيه عن مجتمع صحراوي مسالم، لم يلجأ إلى العنف ولكن في المقابل فيه التغطية الإعلامية منحازة لأنها تتجه الآن إلى ما يحدث في ليبيا وسوريا، وتغض الطرف عما يحدث في الأقاليم الصحراوية المحتلة.
ما هي قراءتك لما يحدث في المنطقة العربية لا سيما في الدول التي عرفت تغييرات في نظام الحكم عن طريق ما اصطلح على تسميته الربيع العربي؟
ما يسميه البعض بالربيع العربي وثورات، أنا لا أسميه ثورة بقدر ما هو هبات جماعية مفروضة لتغيير الديكتاتوريات، وبالنسبة لنا كصحراوين ما تناضل عليه الشعوب العربية الآن نحن نناضل من أجل الوصول إلى تقرير المصير منذ 37 سنة، وبالتالي لا مجال للمقارنة بين ما يحدث في تلك البلدان والقضية الصحراوية فنحن ليس لدينا مشكل مع النظام ولا نطالب بتغييره.
وأرى أن ما في يحدث في الدول العربية وراءه أيادي خفية، طبعا هذا لا يعني أنني لست مع ديمقراطية الشعوب وتحررها من أيادي الديكتاتوريات ولكن أيضا أؤمن بالاستقرار وأتشبث به، وأذكركم أن هذا الربيع العربي شرارته انطلقت من مخيم اكديم أزيك الذي أعطى دفعة عن طريق الفيسبوك والتوتير لشباب آخرين للقيام بثورات في بلدانهم.
في مداخلتك أمام المشاركين في أشغال الندوة قلت أن الشعب الصحراوي يكافح من أجل الوصول إلى جنة الحرية ألا ترين أن الوصول إلى جنة الحرية يقتضي تغيير أساليب الكفاح بدل الارتكاز على مقاومة سلمية قد لا توصل إلى انتزاع الاستقلال؟
طبعا لا بد من تكثيف الجهود في العمل الدبلوماسي الصحراوي، والدبلوماسية الصحراوية لا بد عليها أن تكثف وتضافر الجهود، وعلى المقاومة السلمية تطوير آليات مقاومتها، ولكن لا أدعو للحرب واستعمال العنف بل أركز على المقاومة السلمية ولي اليقين الكافي أن هذه المقاومة السلمية عرفت بالقضية الصحراوية وسلطت الضوء عليها منذ 2005، تاريخ اندلاع الانتفاضة السلمية حيث أصبحت للقضية الصحراوية إشعاعات على المستوى الخارجي وصارت معروفة في أماكن أبدا لم يستطيع الصحراويين الوصل إليها من قبل وهذا بفضل المقاومة السلمية التي أشجعها، إلا أنه لا بد من حمايتها وتشجيعها وبالخصوص مواكبتها من طرف المنتظم الدولي من خلال حماية الصحراويين وحقوقهم من أجل الاستمرار في هذه المقاومة، لأننا حقيقة نحن كمدافعين عن حقوق الإنسان لدينا انشغال كبير هو أن هذا الجيل الجديد لا يؤمن بالمقاومة السلمية وأصبح يدعو إلى استعمال القوة.
في حال فشل المقاومة السلمية، هل ترى أميناتو حيدر العودة للكفاح المسلح الخيار الأمثل لحل مشكل الصحراء الغربية؟
من وجهة نظري الشخصي، وكمدافعة عن حقوق الإنسان أؤمن بالمقاومة السلمية وسأستمر في هذه المقاومة، وأبدا لن ألجأ إلى أسلوب من أساليب العنف ولي في ذلك مرجعية هو الأسطورة غاندي والذي أؤمن بأفكاره بشكل أعمى، فقد وصل بأفكاره إلى التحرير، ولكن اللجوء إلى أساليب أخرى يبقى من صلاحيات الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي جبهة البوليزاريو التي لها كامل الصلاحيات في اختيار الحل الأمثل.
على اعتبارك ناشطة حقوقية، وفي ظرف يتميز بتقديم نشطاء حقوقيين صحراويين إلى محاكمة عسكرية بالمغرب هل من تنسيق مع منظمات حقوقية دولية لتوقيف محاكمتهم أو على الأقل معاملتهم كسجناء رأي وليس كمتهمين بقضايا مساس بأمن دولة؟
بالطبع جميع المنظمات الدولية نددت وأدانت المحاكمة العسكرية، لأنه لا يعقل أبدا في القرن الواحد والعشرين أن يمثل مدنيين لا علاقة لهم بالسلاح ولا بحمله أمام قضاء عسكري، وبالنسبة للملف الولايات المتحدة الأمريكية متتبعة له بكل جدية عن طريق سفارتها المتواجدة في الرباط ، والتي تقوم بمتابعة كل جديد يخص هذا.
نرى أن القضية الصحراوية غائبة عن المحافل العربية، هل حاولت أميناتو حيدر كسر حصار الصمت العربي والوصول إلى النساء العربيات للتعريف بالقضية الصحراوية أكثر؟
لا في الحقيقة لا يوجد ربط جسور التواصل مع المرأة العربية بشكل مرضي، فيه بعض المحاولات مع نساء بحرينيات ويمنيات وبالخصوص مع الفائزة بجائزة نوبل للسلام اليمنية توكل التي جمعني بها لقاء شخصي في لندن، ولكن في المقابل لديا تحركات على مستوى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية أكثر من الدول العربية، وللنساء صحراويات من أمثال الأخت خديجة حمدي محاولات لكسر جدار الصمت العربي، وأيضا نحن نعول على المرأة الجزائرية التي تعتبر ذرع واقي وسند قوي للقضية الصحراوية والمرأة الصحراوية وبإمكانها أن تعبر في كل المحافل عن قضيتنا وأن تحل محل المرأة الصحراوية.
أوصت الندوة ال 37 للتنسيقية الأوروبية لدعم الشعب الصحراوي بتوسيع مشاركة المرأة في المجال السياسي كيف ترين هذه الخطوة؟
هذا الشيء يدل على أن المجتمع الصحراوي، منفتح و يؤمن بالمساواة وبترقية المرأة وهذا ليس بجديد عليه فهو يقدر المرأة الصحراوية ويحفزها لأن تكون في الصفوف الأمامية، والمرأة الصحراوية انتزعت بجدارة هذا الاستحقاق بفضل عملها النضالي المستميت، وأثبتت في كل المجالات أنها قادرة على العطاء، لكن هذا الشيء يثمن لجبهة البوليزاريو ويؤكد أنها تدفع بالمرأة الصحراوية للأمام، ما يدل أن لديها مقومات دولة ديمقراطية وتؤمن بها.
نريد التعرف عن الجانب الإنساني لأميناتو حيدر، فمن أين تستمد قوتها وهي تناضل من أجل الدفاع عن قضية وطنها؟
من إيماني الراسخ بعدالة قضيتي من جهة، ومن جهة أخرى الشحنة المعنوية التي تزداد يوما بعد يوم بسبب اتساع رقعة التضامن مع القضية الصحراوية عبر العالم، وطبعا أنتم تتصدرون هذا التضامن.
وما الذي يبكي أميناتو حيدر؟
مسألة وحيدة تبكيني دائما، لما أتطرق للحديث عن الأطفال الصحراويين، لست أدري لماذا؟ ربما لكوني أم؟ أو لشيء آخر، ولكن حقيقة هذه نقطة ضعفي لأن الطفل الصحراوي يتعرض يوميا للقمع، والعنف كما أنه لا يتمتع بطفولته وهو مقهور دائما..ففي البيت محروم من الحنان لأن الأم مناضلة والأب مناضل والحديث معه دائما عن القمع والسجون، وفي الشارع معرض للضرب والقمع وفي المدرسة معرض للتمييز من طرف الأستاذ والمعلم.
ما هي أمنية أميناتو حيدر في الحياة؟
استقلال الصحراء الغربية.
حاورتها بإشبيلية: زهراء.ب


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)