تأسف مخرج فيلم رصاصة طايشة ، اللبناني جورج الهاشم، لغياب السينما الجزائرية عن الساحة. وقال في حوار مع الخبر ، على هامش أيام الفيلم المتوسطي، بالنظر إلى مكانة الجزائر كأمة وتاريخ كبير، من المنطقي أن تكون موجودة في المشهد السينمائي . داعيا المخرجين إلى التعامل بحذر مع الإنتاج المشترك، لأن صاحب المال دائما هو سيّد القرار.
دائما يعود المخرج اللبناني إلى الحرب الأهلية. هل هذه حاجة أم ضرورة؟
- رغم الانطباع الذي يتكوّن عند المتابع للسينما اللبنانية، بأنها تمعن في الحديث عن الحرب، إلا أن هناك أفلاما قليلة تتحدث عن ذلك. لا يجب أن ننسى أن الحرب جزء من تاريخ لبنان، وقد طالت كل جوانب الحياة، وتداعياتها ما زالت قائمة ومستمرة، ولها أوجه عديدة، وهذا سبب بقائها في الأعمال الإبداعية، هذا طبيعي، عندما نروي حكاية ونوقعها في زمن ومكان محدّد. لبنان في حالة حرب دائمة، ويمكن أن نقدم عملا لا يتعلق بالموضوع، إن كنا نريد أن نحرّر القصص من المكان والزمان أو الهوية. أما عملي رصاصة طايشة ، فله زمان ومكان محدّد. وأرى أنه لا يوجد في لبنان إنتاج سينمائي غزير. من الطبيعي، إذن، أن تتقاطع مع تاريخ لبنان الحديث. ونجد هذا في كل المجتمعات، الرجوع إلى ما أسمّيه الصدمة التاريخية، من أمريكا وأفلام رعاة البقر، إلى فرنسا وما تسمّيه حرب الجزائر ، وكل مبدع يستعيد الأحداث بطريقته الخاصة.
الكثير من النقاد يرون أن فيلم رصاصة طايشة قصة درامية عادية وإدراج لقطات الحرب لم يكن مبرّرا، ما تعليقك؟
- هذا سؤال مشروع. إن قصة الفيلم درامية ومكتملة. لكن، هل اختفت الأحداث الدامية التي عرفها لبنان من ضمائر الناس والأماكن؟ كان يمكن أن أستغني عن إشارات الزمن، لكن إن حملت الدراما آثار هذا الزمن، فهي تقدم هذه الخصوصية. لا يمكن أن نفصل القصة عن السياق العام لتطور الشخصيات، فرض علينا السرد الشخصي وجود ما يدل على الحرب في الواقع. وكان يمكن أن تكون مجرد قصة حب في زمن ما، لكن كونها حدثت في السبعينيات، وفي أوج الأزمة اللبنانية، بين السنتين اللتين أعقبتا انطلاق الحرب، حيث تولد أمل بانتهاء الكابوس، لا يمكن أن نتجاهل تطور الشخصيات نفسيا وتبعات ما حدث لها.
يطرح الفيلم أيضا فكرة الصراع، لكن بالنسبة للحريات، حرية المرأة وموقعها في المجتمع اللبناني؟
- أنا أؤمن أن وضعية المرأة في المجتمع هي المؤشر الواضح على مستوى الحريات فيه. فللمرأة في المجتمعات المسلمة وضعية خاصة، والبعض يرى أنها قفزت خطوات في تحرّرها. لا أتفق مع هذا الرأي، لأن الأمر نسبي. ورغم أن قصة الفيلم في السبعينيات، إلا أنه يتحدّث عن حدود حرية قرار المرأة في المجتمع، ويعالج قضية النضج البيولوجي عند المرأة، كحالة يتفاعل معها المجتمع والعائلة والمرأة نفسها، التي تقع في أزمة نفسية جرّاء هذا التغيّر. وما يزيد الأمر تعقيدا أن بعض المجتمعات تلقي سلطتها على المرأة، انطلاقا من هذا الموعد البيولوجي.
لماذا غابت السينما اللبنانية في السنوات الأخيرة؟
- صحيح، لكن سابقا. حاليا أرى العكس. هناك بعض الحراك، قد يستمر، لكن يكون مثمرا أكثـر لو تم تحويله إلى ديناميكية حقيقية. ألاحظ وجود أعمال ملفتة في الفيلم الوثائقي الطويل من مخرجين شباب اختاروا هذا الطريق كبداية، لأنه أقل تكلفة، وفي نفس الوقت يلبي حاجة حقيقية لسبر أغوار المجتمع، ووسيلة فعالة للإحاطة بتناقضات وخصوصيات المجتمع اللبناني. بينما الفيلم الروائي الطويل عملية كيميائية معقّدة، من حيث الإنتاج أو الموضوع، ويبحث عن إخراج نماذج متجذرة في ذاكرة المجتمع.
منذ أيام، منع فيلم أوتال بيروت ، لأنه يتحدث عن مقتل الحريري. ما هي حدود الرقابة في لبنان؟
- يوجد في لبنان مناخ نسبي من الحرية، هناك بعض الخطوط الحمراء لا يجب تجاوزها. صحيح أنه في المطلق أرى أن الرقابة على الأعمال الإبداعية لا يجب أن تكون، بل نترك ذلك للصيرورة الطبيعية للعمل، لأن الفرز في الأخير يكون آليا من طرف الجمهور والنقاد، وكل الفاعلين في المشهد السينمائي. أنا ضد الرقابة مهما كانت مبرّرات ذلك، يجب أن ندع العمل يخضع لمقاييس قيمته الفنية وما يقدمه.
هناك من يقول إن الأعمال التي منعت أغلبها إنتاج مشترك؟
- أنا لست ضد الإنتاج المشترك، لكن بشرط أن أكون مع الشريك في نفس مستوى القدرة على اتخاذ القرار. للأسف، الحقيقة أن صاحب المال هو سيّد القرار دائما، وغالبا ما يكون مموّلا خارجيا، يفرض عليك أفكاره وتوجهه، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أنصح بالحذر منها، لأنه يجب أن ندافع على أفكارنا ورؤانا وطريقة تعبيرنا عن الأحداث، خاصة من الداخل، إذا كانت القضية تتعلق بوطني ومجتمعي.
هل تعرف السينما الجزائرية؟
- أكيد. لكن، للأسف، أرى أنها غائبة، بالنظر إلى الجزائر كأمة وكتاريخ كبير. فمن المنطقي أن تكون موجودة في المشهد السينمائي، وغير مقبول هذا الغياب. كما ألاحظ أيضا غياب السينما الإيطالية، رغم عراقتها وما قدمته.
في الواقع، يجب إعادة النظر في دورة المال بالنسبة لصناعة السينما. التواجد في السينما مثل المال في البورصة، أي وجود الأمم في السينما أصبح ضرورة ملحة، لأن السينما هي الصورة أولا، ولها قدرة خارقة. ثانيا، هي صناعة مهمة، لا يجب التخلي عن مكاننا في السينما العالمية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/04/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: حاورته مسعودة بوطلعة
المصدر : www.elkhabar.com