الجزائر

المختصون يصفون وضعية مركز بيار وماري كوري بـ''الكارثية'' .. وإذا ولد عباس سُئل عن مرضى السرطان



بناية عمرها 52 سنة وطاقة استيعاب في تناقص متواصل تشهد الجزائر تنظيم عدد من اللقاءات العلمية للتحسيس بالوقاية من سرطان الثدي، تزامنا مع فعاليات ''أكتوبر.. الشهر العالمي لمكافحة سرطان الثدي''. شهدت هذه السنة تسجيل 10 آلاف حالة جديدة في مقابل الـ7000 حالة التي كانت مسجلة في 2010، أي بزيادة 300 حالة جديدة في سنة، في حين لم يكن العدد يتجاوز الـ340 حالة في 1995، ليدق المختصون في المجال ناقوس الخطر، خاصة وأن مشكل التكفل المبكر بالمرض يبقى مطروحا، لأن 80 بالمائة من الحالات تكشف حالة متقدمة من الإصابة. يشمل مركز بيار وماري كوري لمرضى السرطان والذي تم بناؤه عام 1959، أقساما خاصة بعلاج السرطان ممثلة في: قسم الأورام السرطانية، قسم المعالجة بالأشعة، و03 أقسام للجراحة، اثنين متواجدين بمركز بيار وماري كوري والثالث يقع بمنطقة دي بي سي بوسط الجزائر العاصمة، كل هذه الأقسام تشهد اختناقا كبيرا، نظرا للعدد الكبير من المرضى الذي يقصدها يوميا، إذ رغم تواجد 06 مراكز أخرى في كل من قسنطينة، ووهران مركزي مسرغين والمركز الاستشفائي ، وورفلة، والبليدة، إلى جانب مركز عسكري بمستشفى عين النعجة، يبقى مركز بيار وماري كوري بالعاصمة يستقبل مرضى من عديد الولايات، على غرار بجاية، وتيزي وزو، والبليدة، رغم أن هذه الأخيرة تحوي مركزا من شأنه أن يغطي طلبات منطقة المتيجة بكاملها.
وعن هذه الوضعية يقول بوزيد، رئيس مصلحة الأورام السرطانية بمركز بيار وماري كوري، أن هذا الأخير تجاوز طاقته الاستيعابية منذ 10 سنوات، ودليل ذلك أنه يستقبل يوميا 700 إلى 800 مريض ، مضيفا أن العدد يرتفع إلى 2000 شخص بإحصاء مرافقي هؤلاء المرضى ، علما أن استقبال المرضى يتم في ظروف جد صعبة لضيق أماكن معاينتهم.
ويصف مختصون في علاج الأورام السرطانية الوضع بالمركز بالـ كارثي إذ أنه موازاة مع العدد الهائل للمرضى والمتزايد من فترة لأخرى، بقيت هذه البناية وجهة آلاف المرضى القادمين من مختلف ولايات الوطن، وهو ما تسبب في تباعد مواعيد العلاج عند المرضى، حيث بلغ معدل الفرق بين موعد وآخر فترة 4 إلى 6 أشهر، وهي المدة التي من شأن الداء أن يستفحل خلالها، ويبلغ مرحلة من المستحيل تداركه، مثلما أكده مختصون في علاج السرطان.
وبسبب صغر القسم والنقص الفادح في عدد الأسرة، بلغ عدد كبير من الحالات مرحلة ميؤوس منها فكيف تفسرون قدوم مريض عاينا حالة السرطان لديه وصنفناها في خانة أ ، أي أن الداء في بداياته، وبالتالي يمكن التكفل به ومعالجته مبكرا، ولما ضربنا لذات المريض موعدا بعد أسبوع نظرا لأن داء السرطان ينتشر بسرعة مذهلة، يُعطى له موعد رسمي لدى سكرتارية القسم بعد 04 إلى 06 أشهر، مدة يكون فيها الداء قد استفحل في جسده وبلغ مرحلة ميؤوسا منها . يحدث هذا في الوقت الذي سعى الطاقم الطبي الممارس بمركز بيار وماري كوري إلى استغلال كل المساحات به حتى الصغيرة منها، حتى أن عددا من الغرف التي كان يشغلها الأطباء كمكاتب لهم حوّلت إلى غرف لاستقبال المرضى، ليبقى الحل يكمن في التعجيل بفتح المراكز المبرمجة من قبل وزارة الصحة.    شهادات من الواقع

توسلت زوجي أن يأخذني للطبيب لكنه رفض
لم تكن السيدة دليلة ع 40 سنة، من سور الغزلان ولاية البويرة، والتي التقيناها بدار الأمل لاستقبال مرضى السرطان، تعرف أنها مصابة بسرطان الثدي، وهي التي كانت ترضع صغيرة لا يتعدى سنها الأشهر.
وكانت الحادثة التي تزامنت مع شهر رمضان لعام 2009، والمتمثلة في إصابتها على مستوى الثدي بسبب ارتطامها بمقبض الثلاجة وراء اكتشاف دائها، حتى أنها أرجعت إصابتها بالداء إلى ذلك الارتطام، معتقدة أن تحجّر الحليب بسبب الارتطام وراء إصابتها بالداء الخبيث. وتروي قائلة: كنت منهمكة في غسل الثلاجة في ذلك اليوم وارتطمت في حركة مني بمقبض الثلاجة الذي أصاب الثدي الأيسر، لم أفطر يومها بسبب الألم الذي أصابني، خاصة بعدما تلمست وجود ورم صغير بمكان ارتطامي، وتوسلت زوجي أن يأخذني للطبيب لكنه امتنع بسبب الصيام، مرجئا ذلك إلى ما بعد العيد، وقاسمته والدته الرأي لتطلب مني دهن المكان المصاب بقليل من زيت الزيتون ليذهب الألم . ولم تذهب المريضة إلى الطبيب العام إلا بعد انقضاء شهر الصيام... حيث طلب منها إجراء تحاليل وأشعة عادية ثم أشعة السكانير التي أكدت إصابتها بسرطان الثدي، ليتم إرسالها إلى مركز بيار وماري كوري، حيث خضعت لعملية بتر الثدي المصاب في جانفي .2010
ولا زالت هذه السيدة تعتقد أن الارتطام بالثلاجة وراء إصابتها بالداء الخبيث، خاصة وأنه لم يظهر عليها أي عرض من الأعراض، وهي التي كانت تردد لنا ما حسيت بوالو ، متحسرة على فقدانها لجزء حميمي من جسدها الأنثوي.
الهم جابلي المرض
السيدة جميلة ، واحدة من مئات النسوة اللواتي عانين من سرطان الثدي، واللواتي لم يقتنعن بتفسيره العلمي، بل أجزمت أن هم الراجل و خدمتها على بنات النسا وراء هاذ المرض ، رافضة حتى أن تنطق باسمه. قدمت من تيارت للخضوع لمراقبة دورية بمركز بيار وماري كوري، حيث خضعت منذ عامين لعملية بتر ثديها الأيمن. وفي دردشة معها أرجعت الإصابة إلى زمن بعيد.. طلقني زوجي وعمري 23 سنة ورحل من البلدة للزواج من أخرى تاركا لي تربية 03 أطفال . وأضافت خدمت على (بنات النساء) مقابل 2000 و3000 دينار شهريا، فتلت الكسكسي ، شفت ولادي وهم يقابلو الجوع ، قاسيت من الهم بالجملة وهو اللي سبب لي المرض .
وبعد مرور سنتين على بتر ثديها لا زالت السيدة جميلة تتردد على مركز بيار وماري كوري للخضوع للمراقبة الطبية، مضيفة أنه لولا تكفل إحدى الجمعيات المحلية بمصاريف تنقلها إلى الجزائر العاصمة لما تمكنت من ذلك.
طلّقها زوجها وهي تحتضر
حالة فتيحة التي انتقلت إلى جوار ربها منذ أكثر من 04 أشهر شبيهة بعشرات حالات النسوة اللواتي عانين من ويلات مرض السرطان من جهة، وتداعياته الاجتماعية من جهة أخرى. فـزوج فتيحة التي كانت تعاني من سرطان الثدي لم يتقبل مرضها، بل أخذها لبيت أهلها رفقة طفليهما رغم أنهما من صلبه رافضا التكفل بهم، مثلما تقول زوجة أخيها التي رافقتها طيلة فترة استشفائها، ليتولى أهلها تربية الطفلين اللذين لم يتجاوزا الـ06 و08 سنوات، ورعاية ابنتهم التي كانت تعاني من سرطان الثدي في مرحلة متقدمة، وكانت الطامة الكبرى، تضيف زوجة الأخ، حينما وصلتها ورقة الطلاق وهي على فراش الموت، لكننا فضلنا عدم إطلاعها على ذلك، وتركناها تموت مرتاحة البال، خاصة وأن طبيبها أكد لنا أن أيامها معدودة.
جمعتها: ص. ب 

البروفيسور بوزيد لـ الخبر
01 آلاف مريضة جديدة بسرطان الثدي سنويا

 في حديثه عن تفشي سرطان الثدي، الذي يحتل صدارة مختلف الأنواع التي تصيب المرأة بالجزائر، أكد البروفيسور بوزيد أن سنة 2011 شهدت تسجيل 10 آلاف حالة جديدة، من أصل 44 ألف حالة جديدة لمختلف أنواع السرطان، مضيفا أن السبب وراء ذلك راجع للتشخيص المتأخر للداء، حيث أن 80 بالمائة من الحالات تصلهم في حالة متأخرة، علما أنه من شأن التشخيص المبكر أن ينقذ حياة المصابة، إذ أن نسبة الشفاء لدى مريضة تم تشخيص داؤها في مرحلته الأولى تصل إلى 99 بالمائة، ويصرف على علاجها 300 ألف دينار، في حين تبلغ قيمة التكفل بسرطان ثدي في مرحلته الرابعة 05 ملايين دينار، علما أن 03 مريضات من بين 04 يتوفين بعد فترة قصيرة من تلقي العلاج، ولا يتعدى الأمل في الحياة للمريضة الرابعة الخمس سنوات ، يضيف محدثنا قائلا. ويؤكد البروفيسور بوزيد على ضرورة توفير الوسائل اللازمة، من أجل كشف مبكر لهذا السرطان مع ضمان تكفل طبي في المستوى علاج كيميائي، علاج بالأشعة ، من أجل إنقاذ حياة آلاف المرضى.



الأخصائي النفساني محمد سيفور لـ الخبر
مريضات يرفضن العلاج مفضلات الموت بشعرهن

 عن دور المرافقة النفسية لمرضى السرطان، يقول، سيفور محمد، الأخصائي في علم النفس العيادي بقسم الأنكولوجيا لمركز بيار وماري كوري، إنها ضرورية، إن دور النفساني متمثل في تصحيح الأفكار المسبقة للمريضة عن المرض والتي تلقتها من المجتمع، كاعتقادها أن الإصابة بهذا المرض تعني نهاية الحياة، خاصة إذا ما تحدثت إلى مريضة عاودها المرض بعد الشفاء، وبالتالي يساعدها على تفهم وضعها وتهيئتها لتقبل الداء والتعايش معه. مضيفا أن عمله يتم بالتنسيق مع طبيب الأنكولوجيا المشرف على علاج المريضة، حيث يطّلع على نوعية الداء ومرحلته ليعرف نوعية التكفل النفسي الذي يجب أن يسلكه.
وعن المشاكل التي يلاقيها مع المرضى، يقول سيفور إنها عادة ما تتمثل في رفض المريض لدائه علاش غير أنا ، مشيرا إلى أنها فترة يرفض فيها المرضى خاصة الشباب منهم الاستماع للنفساني، مستشهدا بمثال فتاة كانت آية في الجمال أصيبت بالسرطان ورفضت الخضوع للعلاج الكيميائي لأنه سيحرمها من شعرها الجميل المنسدل قائلة أفضل أن أموت وأنا في كامل جمالي غير منقوص مني شيء، خاصة شعري الجذّاب ، وهو ما يطلق عليه العلاقة مع المرض حسب الصورة الجسدية ، أو بمعنى أنه إذا كان الداء يؤثر على الصورة الجسدية ويؤثر علاجه على الصورة، يرفضه المريض لأن الأهم عنده هي الصورة الجسدية.


وزير الصحة يصرح
 900 مليار للتكفل بمرضى السرطان


 كشف وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، جمال ولد عباس، إن الحكومة تخصص سنويا ميزانية بقيمة 900 مليار سنتيم للتكفل بمرضى السرطان، في الوقت الذي أعلن عن رفعها مستقبلا بسبب تزايد عدد المصابين، ونزولا عند طلب المعالجين.
وحول الجدل المثار حول إعلان مركز بيار ماري كوري عن عجزه التكفل بعدد المرضى المتزايد، خاصة وأنه يعد من أهم المراكز الوطنية للعلاج الكيميائي والأشعة، صرح ولد عباس، أمس على هامش ملتقى تقييمي للمرض في فندق الرياض بسيدي فرج في العاصمة، أن توقف بعض الآلات لا يعني توقف عمل المركز ، مشيرا إلى تداعيات مثل هذه الأخبار على الحالة النفسية للمرضى، والتي تسببت في تدافع غير مسبوق للمرضى على مركز البليدة.
ويعترف ولد عباس بنقص التكفل بهذه الشريحة، مطمئنا بأن وزارته تبذل ما بوسعها لتحسين العلاج باستيراد أجهزة جديدة للعلاج الكيميائي والأشعة، كما أنها قامت في السنة الماضية بتنصيب 60 خلية عبر الوطن تتكون من أطباء وممرضين ومختصين في علم الاجتماع والنفس لمرافقة المصابين بالسرطان، وتسهيل تنقلهم إلى المراكز الوطنية للعلاج على نفقة الوزارة.
الجزائر: رشيدة دبوب




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)