من بين القواعد الأساسية التي توفر الحركية للمجتمع المدني، خلق آليات كفيلة بترشيد أنظمة الحكم، وهذا من خلال إعادة النظر في طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع ـ التي هي علاقة سيطرة وهيمنةـ ، وتصحيح العلاقة من معادلة صفرية إلى معادلة: لا وجود مجتمع مدني إلا في إطار دولة قوية، فما مدى تأثير المجتمع المدني في ترشيد أنظمة الحكم؟ وهل هناك بدرة لبناء مجتمع مدني فعال (في دول العالم النامي) لترقية وإرساء قيم الحكم الراشد؟ .يشكل المجتمع المدني أحد المفاهيم الأكثر استخداما في الأدبيات السياسية المعاصرة، بما يتوافق ومسار إعادة الهندسة السياسية للدول، ولم يبق فقط مفهوما مرتبطا بالفلسفة المجتمعية الغربية، بل أصبح قيمة مفروضة لتطوير فلسفة الرشادة السياسية والإدارية في إطار القروض الممنوحة من قبل الدول الغربية عبر المؤسسات المالية الدولية. فالعالم الحديث والمعاصر يشهد تحولات عميقة تمس الأنظمة السياسية لدوله، إذ نجد تحول النظام السياسي في أغلب دول أوروبا الشرقية ودول العالم الثالث إبتداءا من باكستان إلى الفيليبين وإنتهاءا بأمريكا اللاتينية مرورا بدول القارة السمراء، تحولات نحو ترشيد أنظمة الحكم والتسيير للوصول إلى تنمية شاملة ومستدامة. أساس هذه التحولات هي ثقافة مجتمعية مبنية على جملة القيم والممارسات الصادرة عن البنية التحتية لهذه الدول، ممثلة في مؤسسات المجتمع المدني، إذ تعتبر مسؤولة عن التنشئة والتوعية السياسية للمواطن عبر النقابة والجمعية والنادي والتعاونية ومراكز البحث...وغيرها.
ولقد طرحت هذه الفكرة في أوساط الباحثين الأكاديميين والمثقفين وتأكدت كممارسة في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، باعتبار العلاقة الترابطية طردية بين متغيرين رئيسيين: إفساح المجال أمام نشوء منظمات المجتمع المدني وإعطائها الحريات لممارسة أنشطتها ولعب دورها المجتمعي، وإشاعة الديمقراطية وإصلاح الأوضاع والوصول إلى نمط حكم صالح و رشيد.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/06/2022
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - ريموش سفيان
المصدر : الحوار المتوسطي Volume 4, Numéro 1, Pages 165-180 2013-03-15