الجزائر

المتهجّدون بالليل.. أحْسَنُ النّاس وُجُوهًا



 إنّ كثيرًا من الكسالى إذا سمعوا بأخبار اجتهاد السّلف الأبرار في قيام الليل، ظَنُّوا ذلك نوعًا من التنطع والتّشدّد وتكليف النّفس ما لا يُطاق، وهذا جهل بالدّين، لأنّنا لمّا ضَعُف إيمانُنا وفترت عزائمنا، وخمَدَت أشواقنا إلى الجنان، وقَلَّ خوفنا من النيران، ركنا إلى الرّاحة والكسل والنّوم والغفلة، وصرْنا إذا سمعنا بأخبار الزهّاد والعُبّاد وما كانوا عليه من تشمير واجتهاد في الطاعات نستغرب تلك الأخبار ونستنكرها، ولا عجب فكلّ إناء بالّذي فيه ينضح، فلمّا كانت قلوب السّلف مُعلّقة باللطيف القهار، وهممهم موجّهة إلى دار القرار، سطروا لنا تلك المفاخر العظام، وخلفوا لنا تلك النّماذج الكرام، ونحن لمّا ركنا إلى الدنيا، وتنافسنا على حُطامها، صرنا إلى شرّ حال..
قيل للحسن البصري رحمه الله: ما بال المتهجدين بالليل من أحسن النّاس وجوهًا؟ فقال: لأنّهم خَلَوْ بالرّحمن فألْبَسَهُم من نُوره.
وقال سعيد بن المسيّب رحمه الله: إنّ الرّجل لَيُصلّي بالليل، فيجعل الله في وجهه نورًا يحبُّه عليه كلّ مسلم، فيراه مَن لَم يره قط، فيقول: إنّي لأحبُّ هذا الرجل!
وقال طاووس بن كيسان رحمه الله: ألاَ رجلٌ يقوم بعشر آيات من الليل، فيصبح وقد كتبت له مائة حسنة أو أكثر من ذلك.
أخذ الفضيل بن عياض رحمه الله بيد الحسين بن زياد رحمه الله، فقال له: يا حسين: ينزل الله تعالى كلّ ليلة إلى السّماء الدنيا فيقول الرب: كذب مَن ادعى محبّتي فإذا جَنَه اللّيل نام عنّي؟! أليس كلّ حبيب يخلو بحبيبه؟! ها أنَا ذَا مُطّلع على أحبائي إذا جنهم اللّيل،... غدًا أقرّ عيون أحبائي في جنّاتي.
قُمْ -رحمك الله- وَلَوْ بركعة واختم بهذا الحديث، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومَن قام بمائة آية كُتب من القانتين، ومَن قام بألف آية كُتب من المقنطرين'' رواه أبو داوود. والمقنطرون هم الّذين لهم قنطار من الأجر.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)