الجزائر

المال و السياسة ..زواج المصالح المتقاسمة



المال و السياسة ..زواج المصالح المتقاسمة
لم يعد أداء رجال الأعمال و النافدين في القطاع الاقتصادي الجزائري متوقفا عند مهامهم أو على الأقل تحقيق أهدافهم في الفوز بالصفقات العملاقة وجمع المال من خلال ما تقع تحت أيديهم من مشاريع كبرى مثل ما كان عليه الأمر سابقا ، فانفتاح الممارسة السياسية على التعددية صار يقتضي حملات انتخابية و التنافس بالبرامج وهو ما يعني ضرورة استعمال المال الذي لم يكن مرشح الحزب الواحد سابقا يتطلبه ما دام الأمر كان متعلقا باستفتاء يخرج إليه الناخبون الجزائريون للقول نعم أو لا.و قد زاد في التداخل بين المال و السياسة إعادة الهيكلة التي خضع لها الاقتصاد الجزائري منذ التسعينات فالخصخصة جعلت المال في سباق دائم من أجل الاستحواذ على تركة القطاع العمومي بشتى الوسائل و بدأت الهياكل التنظيمية لأصحاب الأعمال تقوم بأدوار مهمة في بلورة القرارات التنفيذية المتعلقة بالشئون الاقتصادية والاجتماعية باسم العمال أو حتى الشعب .الواقع الانتخابي الذي تغيير اليوم صار يزاوج إلى حد كبير بين المال و السياسة لدرجة أنّه في كثير من الحالات لا نعرف من يصنع الآخر من فرط التداخل بينهما و لا ندري أحيانا أيضا هل يصل المال في الجزائر إلى صنع قرار سياسي أو على الأقل رأي عام ...لكن مما لا يدع مجالا للشك أنّ كل واحد منهما يريد أن ينهل من الآخر ما أمكن من أجل الوصول إلى تحقيق الأهداف التي رسمها لنفسه . في حين نلاحظ نفس هؤلاء رجال الأعمال سواء منفردين أو في إطار أي مسمى نقابي يبخلون على رفع أجور عمالهم و تسقيفها مع الأجور الوطنية في القطاعات العمومية فهل عندما يمولون حملة هذا المرشح أو ذاك من باب السخاء أو الطمع عملا بالمثل الجزائري " الناس مع الواقف ".؟و في مناخ مثل هذا الذي أصبح يميز الاستحقاقات المهمة في الجزائر صار المال برجاله يبحث له أيضا عن مكان مميز قد يوصله إلى تبؤ مكانة ما تحددها قدرته على التجاوب مع محيطه و التأثير.أكثر من ذلك يقول بعضهم أن رجل الأعمال مواطن ومن حقه ممارسة السياسة إذا كان يتمتع بكل حقوقه و ليس منجرا وراء عقوبات حكم عليه فيها القضاء . هذا صحيح تمامًا لكنه مواطن مدجج بالمال والنفوذ لذلك فإن ممارسته لحقوقه السياسية يجب أن تتم فى إطار قواعد وقيود تخضع للتدقيق والمحاسبة من طرف هيئة مستقلة تحدد سقفًا أعلى للتبرعات الحزبية وللإنفاق على الحملة الانتخابية.و لحد الآن لم ينجح أي مترشح للانتخابات منذ بدء التعددية في الجزائر في ابتكار آلية للجمع الأموال من خلال التبرعات الصغيرة كما هو معمول به في البلدان الكبرى و هو ما موّل مثلا حملة أوباما الذي لم يجد نفسه في حاجة للمال الذي تمنحه الدولة بالإضافة إلى الاعتماد على الانترنت في هذه العملية ليبقى المترشح في الجزائر يعتمد اعتمادا كليا على علاقاته الخاصةو مهما يكن من أمر فإن تمويل الحملة الانتخابية في الجزائر كان القشة التي قصمت ظهر البعير لأن الانقسامات واقعة فعلا في صفوف الكونفدرالية الجزائرية لأرباب الأعمال (و هو الهيكل التنظيمي الذي يجمع أصحاب المال) التي ينص قانونها الداخلي على طابعها الاقتصادي النقابي و عدم التدخل في السياسة و هو الأمر غير الحاصل ففي الرئاسيات السابقة تطرقت كثير من المصادر إلى الدور الذي لعبه رجال الأعمال في دعم المترشحين و برروا ذلك بأنهم يقومون بهذا الفعل بصفة انفرادية و ليست في إطار الهيكل الذي يجمعهم ...




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)