الجزائر

الكاتب مسؤول تجاه الوطن والمجتمع



«رماد البوح.. عشرون وترا للاحتراق».. هو عنوان المجموعة القصصية للقاصة الشابة بسمة أمل عريف، شاركت بها دار «رسائل» في معرض الجزائر الدولي للكتاب.. تقول لنا ابنة سطيف، صاحبة 24 ربيعا، إنّها «تكتب لتشفى من جروحها»، كما تحاول التأنّي ما استطاعت، فالكاتبُ حسبها «لا يجب أن يتسرع في نشر عمله»، وإن كانت بسمة لا تستعجل على لقب «كاتبة»، وهو ما لم يمنعها من الحلم بأن تكون رقمًا مهمًّا في مشهد الإبداع..- الشعب: لنبدأ من عنوان مجموعتك القصصية: «رماد البوح (عشرون وتَرًا للاحتراق)».. الرماد ثم الاحتراق.. هل هي محض صدفة أم أنّه استحضار متعمّد لثيمة «النار» أو «الحريق»؟
بسمة أمال عريف: إنّ أوّل ما يشدُّ القارئ إلى أيّ مؤلّف هو عنوانه، وعنوانُ «رمادُ البوح» مُغرق في سيميائيّته يُحيل على مضمون موحٍ له، فيه شحنةٌ دلاليّة شكّلت عتبة مهمّة لمحمولات المجموعة والإحالة على أجزائها «باحترافية عالية»، حتى أضع المتلقّي أمام الصُّرّة كاملة غير مجزّأة دون تعارضٍ أو اهتزاز، وقد اخترته بصفة رجعيّة فالاحتراق يأتي قبل الرّماد، وقد أخّرته لدلالة معيّنة يفهمها القارئ الحذِق الذي قرأ واطّلع على فحوى المجموعة.
- تقولين إنّ قصصك «اجتماعية تراثية».. كيف ذلك؟ مثلا هل يكفي أن تتضمّن قصصك «الملَاية والعجَار والرَّديف والحمِيلَة والقَشَّابيّة والبرْنوس» لنقول إنّها عن التراث أم أنّ للوصفة مكوّنات أخرى في رأيك؟
الكاتبُ الذي يغرّد خارج السّرب ليس بكاتب، ولا يحمل قدرًا من المسؤوليّة تجاه الوطن والمجتمع.. هو جُملة من المشاعر لأنّه ابن بيئته، لذلك فالكتابة جوازُ سفرٍ للقلوب والعقول معا، والكاتب سفير يحمل هموم أهله، وقضاياهم، وثقافتهم.. «رَماد البوح» مجموعة أتَت في عِشرين قصّة كُنْهُها الهُويَّة، تُبقيها وتُعِيدها وتُحيِيها... هويَّة الجَزائر أرضًا وَشعبًا، فبعيدًا عن أسماء الشّخصيات واستحضار أدب الأشياء، هناك من العادات والقيم، الأماكن واللهجات، وغيرها من الحاجات التراثيّة المتعلقة بمجتمعنا والذي تمثله ويتمثّلها، الموجودة ضمن هذه القصص على الورق.
- تكتبين عن الهُوية في بلد يمتاز بتعدد وثراء ثقافي قلّ نظيره.. كيف يتعامل قلمك مع هذا التعدّد؟
أنا كتب لأشفَى من جراحي، جراح الشّعور، أنا أكتب لأنّ حاجةً مُلحّةً في أعماقي تدفعني إلى ذلك، تدفعني إلى التّجريب وإلى لذّة الخلق فالكتابة «خلقٌ» من نوعٍ ما.
إنّ أكبر عدوّ بالنسبة للكاتب هو «الإيجاز»، لكنّني قد وجدت ثراءً ثقافيا وتمايزا بين كل نسب وكل منطقة، فما يميّز أصحاب المدن هو غيره الذي يميّز سكان القرى، وما تتميزّ به الشاويّة هو غيره ما يميزّ العاصميّة وهكذا.. لهذا دائما أقول إنّ التنوّع هو نقطة قوّة النص، خاصة إن كان الكاتب يبحث عن الواقعية في نصه، فإن وجدها في الواقع كان قد بلغ ذروة إبداعه في نقلها مع خيالٍ شفيف.
- تكتبين القصة في وقت يميل أغلب المبدعين الشباب إلى جنس الرواية.. ما أسباب هذا الاختيار؟
تجْربتي في مجال الكتابة ربيع مُزهر مزدَان بألوان قوسِ قزح السبعة، بقدرِ بسَاطتها، بقدر تمَيزها، كونها ولِدت من مَخاض الصدفة، لأنّني ما أزَال قارِئة لا كاتبة، فلقب الكاتب أَجَلّ وأكبر من أن ألقب نفْسي به على الأَقل الآن، لكِن سَأكون بإذن الله، اخترت التوَجُّه لصنْف القصة القصيرة، لأنَّني وجَدت فيها ضَالتي، طالمَا عشقْت الحَرف وغموضَه، فانتقى قلمِي القصة للبَوح بالأبجَدية تامة، فنّ القصة القَصيرة يُغمد في سَيفا من المشَاعر ويحصرني في بُوتقة التأمل وَالإبداع.
- حدثينا عن تجربتك في النشر.. حلوِها ومرّها.. كيف كانت رحلة هذه المجموعة حتى رأت النور؟
كل أديب وكل كاتب يسعى لأن تصل نصوصه إلى القراء، وأظن أنّ المؤلف الورقي هو أنسب وسيلة لبلوغ وتحقيق هذا الهدف، كنت سعيدة لاختيار عملي من بين أفضل الأعمال التي تبنّت طباعتها دار رسائل للنّشر والتوزيع، لكنني قبل أن أصل لمرحلة الثقة التامة وخطوة النشر مررت بأكثر من ثلاث سنوات في الكتابة، والحذف، والقص، والإضافة، وعرض نصوصي على نقاد وأكاديميين، منهم القاص والشَّاعر العِراقي فراس الناهي.. أنا أقول دائما يجب أن لا يتسرع الكاتبُ في نشر عمله، ووجب أن يوفيه حقه في البحث والتعديل والتنقيح، فأشهى الطعام ما طُهي على نار هادئة، والأدب لا يُخلَّد منه إلا المتسامي في أرومته الذي تزكيه الضمائر والبصائر.
- أخيرا.. بمَ تحلم المبدعة الشابة بسمة عريف؟
حلمي أن أبحِر بقوَّة وثِقة في مَوج الإبْداع المُتلاطم، فأنطلق مِن كَسر القيُود وكَسر المَألوف إلى لغَة جامعَة أؤثِّث من خِلالها مَفاصل القَصّ لأبلْور أفكارا جَديرة بأنْ تكُون وَمضة الأمَل في ضخِّ رُوح السَّرد المَطروح حاليًّا.
حلمي أن أكون رقمًا مهمًّا يتصدَّر قَائمة المُبدعات في الوَطن العربيّ.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)