أعشق الشعر البدوي و الإبحار في الأساطير القديمة أحصنة تيارت ألهمتني في آخر مؤلفاتي تعد الكاتبة و الصحفية أمينة ميكالي من الأقلام التي أبدعت بأسلوبها السلس في الأدب النسوي، تغنت بجمال الجزائر و طبيعتها الخلابة و بأصالتها المترامية في أعماق هذه التربة الطاهرة بلغة مولير ، لها عدة إصدارات من بينها "ميدالية المعني" و كتابها الأخير " تيارت ، الأحصنة و الأساطير " الصادر عن المؤسسة الوطنية للاتصال، النشر و الإشهار ، وقصد التعرف على الكاتبة أكثر و اكتشاف نظرتها حول استخدام لغة الشعر في التعبير عن تراث الجزائر اتصلنا بها وكان لنا معها الحوار التالي : الجمهورية : كيف كانت بداياتك مع الحرف الشعري ؟ أمينة : كانت والدتي أستاذة في اللغة الفرنسية ، وكان لي الحظ الكبير في طفولتي أن أغوص في العالم الأدبي و الشعري بمساعدتها طبعا ، فمن خلالها تأثرت بعدة أسماء أدبية مثل بابلو نريدا و غيره ، كان الشعر الوسيلة الوحيدة في كثير من الأحيان لأجد أجوبة لأسئلة كانت تدور في عقلي ووجودي في هذا الكون... مع الوقت أصبح الشعر عالمي الجميل والكلمات مملكتي ، فبالنسبة لي هو قارب نجاة للقارئ الذي يجد نفسه في عمق بئر لا يخرج منه إلا بمساعدة الشاعر نفسه ، و بعد سنين مرت من عمري تأثرت بتراثنا خاصة حين أقرأ الشعر البدوي أو الملحون لشعراء مثل ابن قيطون ، سيدي الأخضر بن خلوف ،سيدي السعيد المنداسي ،ابن مسايب ،التريكي ،ابن سهلة ، ،مصطفى بن إبراهيم و غيرهم أحس بنبض الشعر ينتفض، وكأن أوراق الكِتاب تتحرك وتود الطيران. هؤلاء لم يكتبوا شعرا كي يتسلوا، بل كانوا يقومون بذلك كفعل بطولي، أي لتجاوز الذات التي تقف عند عتبات الوعي والثورة والعقلانية التي هدفها الأسمى هو الحكمة وهاجس التريث لبناء هندسة راقية، لكنها ذات بعد زمني أي باقية تتحدى الاندثار،فالشعر عندهم ومضة تأتي في غفوة ناعمة وكأنهم يهربون من الكتابة الواعية إلى كتابة من نوع آخر، كتابة شاردة تعيد للزمن معناه من خلال التفاصيل التي قد لا يراها العابرون إلى الفرح، المارون إلى حتفهم، أي نحن، هؤلاء تركوا لدي الانطباع الجميل بأن الشعر قد يكون أغنية عذبة تتحول في لحظة إلى رصاصة قاتلة لأن الشعر عنده مساحة ملغمة يستدرج من خلالها القارئ إلى عالم صوفي أو سريالي فيه من الطرب ما يرتضي ومن الحزن ما لا يبغي.الجمهورية : هناك الكثير من الكتاب الجزائريين يشعرون بالعجز أمام كتابة تراثهم الجزائري بلغة أجنبية غير لغة الأم العربية و أنت تطرقت للحديث عن هذه المسألة في عدة محاضرات قدمتها في جلساتك الأدبية ؟ أمينة : صحيح عندي عدة تساؤلات تناولتها في محاضراتي من خلال تركيزي عن التجربة الشعرية والكتابة بلغة أجنبية وكذا شروطها وعيوبها، باعتبار الفرنسية قضية لغة ولا يمكن استحالة نسخها من حواس الكاتب الذي يجد نفسه منفي في إطارها و لا يستطيع التعبير و ترجمة تراثه و لهجته الجزائرية بلغة الغير، رغم أن بعض الكتاب الجزائريين قدموا مصطلحات و أمثال ترجموها أو كتبوها بالفرنسية في سياقها الأصلي و دخلت في لغة الآخر، كيف يمكن التحدث عن خطاب شعري خارج المدرسة الفرنسية و الإرث الاستعماري دون الخوض في الإرث الذي امتلكته كلغة الأخر؟ ، كما هناك بعض الكتاب الجزائريين من بينهم مالك حداد المعروف بمقولته اللغة الفرنسية منفاي والذي شعر بالعجز في التحدث بلغة الأم ، فأنا كذلك أكرر أن اللغة هي منفاي ولا أستطيع أن أقدم تراثي الجزائري بلهجاتي و ما يحمل من قصص شعبية و شعر ملحون بلغة الآخر دون أن يفقد قيمته الأصلية ، مع العلم أن مالك حداد لوحده عالم شعري وشاعري، عالم متفرد، كوكب يسير في فلك نادر. مالك حداد لم يكن شاعرا غزيرا، فقد كتب الشيء القليل لكن ما كتبه كان لبنة طيبة في عالم الشعر والرواية حتى أن كل رواياته مليئة بالشعر وكل شعره فيه الحكي والسرد ما يجعله يشبه الرواية.الجمهورية : ماذا عن إصدارك الأخير الذي كتبت مقدمته مايسة باي و زين صوره المصور الفوتوغرافي ناصر وضاحي ؟ أمينة : هو كتاب يحمل 60 نصا شعريا و صورا للمصور الفوتغرافي ناصر وضحي ،حيث أبحرت بقصائدي الشعرية في الأساطير التي حكيت عن الحصان ومكانته في المجتمعات العربية -البربرية ، كما تحدثت على الحصان و تواجده بكثافة في الشعر الجاهلي، و كانت الصور أكثر نبضا بالحيوية من الحرف نفسه و أنا اشكر كثيرا السيد وضحي على براعته في أخذ هذه الصور للأحصنة الأصيلة والجميلة .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 15/09/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : برياح زهرة
المصدر : www.eldjoumhouria.dz