الجزائر

القضية قضية رجال



عاد الحديث عندنا هذه الأيام عن أرضية ميدان ملعب 5 جويلية إلى الواجهة منذ الخرجة التطبيقية الأخيرة للخضر فوق عشب طبيعي لا يصلح لأي شيء، اشتكى منه المدرب واللاعبون، وكتبت عنه الصحافة، وتأسف له الجمهور الكروي. وعاد الحديث مجددا عن غلق الملعب وإعادة تهيئة أرضيته مرة أخرى رغم كل الميزانيات التي صرفت على مدى عشرية كاملة قبل الألعاب العربية والألعاب الإفريقية اللتين احتضنتهما الجزائر، ورغم تنديدنا المستمر منذ سنوات بالإهمال الذي تعانيه مرافقنا الرياضية رغم الوعود المتكررة لمسؤولين يتقنون فنون الكذب والنفاق والهروب إلى الأمام، ولا يقدرون على إصلاح ملعب، فما بالكم بتشييد ملاعب ومرافق وتسييرها والحفاظ عليها؟!‬‮..‬* لا يوجد تفسير للإهمال واللامبالاة وانعدام المسؤولية والكذب الذي نمارسه على بعضنا البعض، ولا يمكن إيجاد الكلمات التي نصف بها المهزلة وعدم قدرتنا على إعطاء جوهرة الجزائر -مركب محمد بوضياف- أرضية ميدان معشوشبة طبيعيا تصلح لممارسة اللعبة وفي مستوى مركب من هذا الحجم، وفي مستوى بلدنا وقدراته وإمكانياته وطموحات شبانه الذين يحلمون باللعب مع المنتخب فوق أرضية ميدان دون تردد أو خوف من الإصابات، ودون خجل وحسرة على ما آلت إليه أحوالنا.‬
* الأدهى والأمر عندما نصحو من سباتنا العميق فجأة ونتهم شركة أجنبية بعدم التزامها ببنود العقد المبرم معها، وندعي أننا سنقاضيها لأنها لم تف بالتزاماتها تجاه بلد يملك الكفاءات والموارد والمعاهد والجامعات التي لا نستشيرها ولا نشركها في مشاريعنا التنموية ولا حتى في تهيئة أرضية ميدان ملعب كرة قدم يحتضن مباريات الخضر ونهائيات كأس الجمهورية وأكبر الأحداث الرياضية، وملعب شيدته الجزائر في سبعينيات القرن الماضي قبل العديد من الدول العربية والإفريقية والأوروبية، وكان آنذاك معلما ورمزا استفادت منه كل الرياضات وكل أبناء الجزائر ولكنه صار اليوم شبحا ومرافقه المغلقة أصابها التلف والإهمال وسوء التسيير، مما أدى إلى تراجع ممارستنا ونتائجنا وعدم قدرتنا على احتضان أصغر الأحداث الرياضية.‬
* الحديث عن عدم وفاء الشركة الأجنبية بالتزاماتها ومقاضاتها كذبة أخرى وإهانة للوزارة وإدارة الملعب، واستهتار بالمنتخب واللاعبين وعشاق الكرة، ويمثل أقصى درجات الاستغفال‮ والاستهتار بعقول وقلوب الناس.‬
* الحديث عن أرضية الملعب الرئيسي شغلنا عن الحديث عن وضعية الملعب الملحق والقاعة البيضاوية وقاعة حرشة ومضمار ألعاب القوى والمسابح وكل المرافق التابعة لمركب محمد بوضياف والتي صارت مقابر لحركة رياضية قتلها التسيب والإهمال والتبذير وسوء التسيير دون أن نحرك ساكنا، ودون رد فعل حازم من سلطات تصبح شريكة في جرائم إهدار المال العام وإهمال المرافق العمومية وسوء التسيير وعدم تحمل مسؤولية اتخاذ الإجراءات لتصحيح الوضع في الوقت المناسب.‬
* وعندما تجدنا نعاني ونتخبط لسنوات من أجل ترميم أرضية ميدان، تفهم لماذا لم تخرج إلى الوجود أعمدة الملاعب الأخرى التي تقرر إنجازها في براقي وتيزي وزو ووهران وسطيف، وتفهم لماذا تراجعت الممارسة الرياضية عندنا، ولماذا تراجعت النتائج، ولماذا لا يجد أبناؤنا مرافق رياضية يحضرون ويلعبون فيها، وتفهم لماذا تراجعنا عن تنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، وتراجعنا عن احتضان الدورة التأهيلية الكروية للأولمبياد المقبل، ولماذا لم تحتضن بلادنا حدثا رياضيا دوليا منذ سنوات، ولماذا ولماذا..
* القضية ليست قضية أموال وإمكانيات وموارد، بل هي قضية كفاءات ورجال أوفياء وملتزمين وقادرين على تسيير مشاريع وإدارة مؤسسات وصيانة مرافق، وقضية غياب النوايا الحسنة كما هو الحال في الكثير من المجالات التي نتراجع فيها أو نراوح فيها مكاننا بفعل رجال لا يدركون أن الأمر يتعلق ببلد اسمه الجزائر، يمكنه بناء عشرات المركبات والملاعب والقاعات، واحتضان الكثير من الأحداث، ويملك الكثير من الكفاءات القادرة على تسيير مؤسسات ودول.. وليس مجرد مركب رياضي أو ملعب لممارسة كرة القدم..
*
* [email protected]‬com


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)