أربعة لقاءات بين نزار والشاذلي انتهت بإجبار الرئيس على رمي المنشفة
تواتي واسماعيل وهارون يعودون ببوضياف من المغرب في طائرة عسكرية
يكشف علي هارون، أحد الرجال الأربعة الذين هندسوا لعملية وقف المسار الانتخابي في جانفي 1992، عن تفاصيل مثيرة في قرار إزاحة رئيس الجمهورية الأسبق، الشاذلي بن جديد، من قصر المرادية، وعن شخصيات الظل التي شاركت في العملية، وكيف انتهى الجميع إلى استقدام محمد بوضياف، من منفاه الاختياري بالمغرب ليرأس القيادة الخماسية التي حكمت البلاد ما بين 1992 و1994 .
بن جديد قرأ نصّ الاستقالة ولم يشارك في كتابتها
يقول وزير حقوق الإنسان (1991 - 1992) في حكومة سيد أحمد غزالي: "كان العربي بلخير وزير الداخلية مهزوما بسبب النتائج الكارثية التي انتهت إليها الانتخابات التشريعية في ديسمبر 1991، والتي جاءت مخالفة للتوقعات.. تقدم بصعوبة للميكروفون.. الجبهة الإسلامية للإنقاذ 188 مقعد، جبهة القوى الاشتراكية 25 مقعدا، جبهة التحرير الوطني 15 مقعدا، من مجموع الـ420 مقعد المشكلة للمجلس الشعبي الوطني المقبل".
بالنسبة إلى رئيس الحكومة سيد أحمد غزالي، كانت نتائج الانتخابات التشريعية الملغاة بمثابة "هزيمة قاسية"، يقول علي هارون في كتابه الجديد "التوضيح.. ترقية حقوق الإنسان ومخاوف (1991 / 1992) : "لقد حققت الجبهة الإسلامية للإنقاذ انتصارا لا نقاش فيه، أكثر من ذلك كان استعراضيا، في أولى انتخابات تشريعية تجرى في عهد التعددية".
كانت التقديرات الرسمية لنتائج الانتخابات التشريعية تشير إلى أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ ستحصل على ثلث المقاعد، ونفس العدد من المقاعد لجبهة التحرير الوطني، والثلث الآخر لبقية الأحزاب الأخرى، التي قاربت الـ 50 تشكيلة سياسية، ولم يكن أحد يتوقع أن يحصل "الفيس" على 188 مقعد، إضافة إلى تقدمه في 100 مقعد آخر، كان سيحسمها من دون شط في الدور الثاني.
حماسة عسلاوي وتأكيد نزار
أول اجتماع لمجلس الحكومة بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، لم يكن كغيره، يقول صاحب الكتاب: "جرت العادة على أن يقدم رئيس الحكومة جدول الأعمال، قبل أن يعطي الكلمة للوزراء. بعضهم انتقد جبهة التحرير الوطني على خلفية رفضها نظام الاقتراع النسبي الذي اقترحه سيد أحمد غزالي، فيما ذهب البعض الآخر إلى تحميل النظام مسؤولية الوضعية التي آلت إليها البلاد، والتهديدات الكبيرة التي تواجه وحدة البلاد".
خلال الاجتماع، اتفق وزراء حكومة غزالي على أن استمرار العملية الانتخابية إلى الدور الثاني، كما جاء في الكتاب، يعني سقوط الدولة بين أيدي "الأصولية الإسلامية، التي ستقودنا إلى عصور الظلامية، مع احتمال نشوب حرب أهلية"، ومن هنا اتفق الجميع على ضرورة وقف المسار الانتخابي، وكان في مقدمة المتحمسين لهذا الخيار، الوزيرتان ليلى عسلاوي وأنيسة بن عمر، في حين ذكّر ابراهيم شيبوط، وزير المجاهدين آنذاك، بتضحيات الشهداء والمجاهدين من أجل إقامة دولة متقدمة وعصرية.
وفي ظل هذا الوضع، تناول وزير الثقافة والاتصال أبو بكر بلقايد (اغتيل في 1994) الكلمة ليقول بأن النقاش يجب أن يتجاوز الحديث عن وقف المسار الانتخابي الذي أصبح مفروغا منه، بل في البحث عن الوسائل التي ستمكن من وقف المسار الانتخابي وعدم الذهاب إلى الدور الثاني.
الجميع كان ينتظر تدخل وزير الدفاع السابق، الجنرال خالد تزار، الذي كان جالسا على يسار غزالي من الطاولة البيضاوية، ليعرف موقف المؤسسة العسكرية مما تتم مناقشته، نظرا لثقل هذه المؤسسة، حسب ما جاء في الكتاب. وقد جاء كلام الجنرال وفق ما كان ينتظره الجميع، وهو أنه يشاطر القلق الذي انتاب أغلبية الوزراء.
جنرالان ووزيران لاقتراح الحلول
رُفع أول اجتماع لمجلس الحكومة بالاتفاق على إنشاء لجنة مشتركة لتقييم الوضع الذي تمر به البلاد بعد ظهور نتائج الدور الأول من الانتخابات التشريعية، وكان ذلك حصيلة حوار ثنائي بين أحمد غزالي (رئيس الحكومة)، والجنرال خالد نزار (وزير الدفاع)، وكلفت هذه اللجنة بتشريح الوضع وتقديم المقترحات للحكومة.
اتفق غزالي ونزار على أن تتشكل المجموعة المشتركة من أربع شخصيات، وزيرين مدنيين، وجنرالين. يقول صاحب الكتاب، إن خالد نزار كان هو الطرف الذي بادر بالكشف عن هوية ممثلي المؤسسة العسكرية، وهما عبد المجيد تريغت قائد القوات البحرية، ومحمد تواتي. ويعرف علي هارون عبد المجيد تريغت فيقول "إنه إطار مزدوج اللغة واسع الثقافة، معروف بأنه شخصية مستقيمة وعصرانية"، أما الجنرال محمد تواتي فهو "معروف على مستوى المؤسسة العسكرية بأن له كفاءات برزت من خلال خدمته في مؤسسة الدرك الوطني".
في حين اختار رئيس الحكومة الوزيرين أبو بكر بلقايد (وزير الاتصال)، وكان قد شغل حقائب الداخلية، والتعليم العالي والبحث العلمي، والعلاقات مع البرلمان وعلي هارون وزير حقوق الإنسان. وعقدت اللجنة المشتركة أولى اجتماعاتها في مساء اليوم الذي نصبت فيه، بـ "دار عزيزة" بالأبيار مقر مؤسسة بوضياف حاليا، والتي اتخذتها اللجنة مقرا مؤقتا لها. وكان من بين ما كانت تبحث عنه اللجنة، إمكانية تأجيل الدور الثاني من التشريعيات الذي كان مقررا في 16 جانفي 1992، في محاولة لتغيير توجهات الناخبين بما يضمن تفادي السقوط في اختيار يمكن أن يقود إلى تكريس أحادية حزبية جديدة - يقول صاحب الكتاب -.
الحكومة والجيش في مواجهة الواقع على الأرض
توجهات عمل اللجنة كانت تسير عكس اتجاه تيار الطبقة السياسية الرافضة لأية محاولة لقطع الطريق على اختيار الشعب، وذلك بإلغاء أو تأجيل الدور الثاني من الانتخابات التشريعية، وجسد هذا الموقف كل من أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، عبد الحميد مهري، الذي قال في 30 ديسمبر: "سنشارك في الدور الثاني بنفس الإرادة ونفس الإصرار" كما جاء في الكتاب، الذي أورد أيضا تصريحات صادرة عن زعيم جبهة القوى الاشتراكية، حسين آيت أحمد، الذي دعا "الشعب الجزائري إلى إتمام واجبه، وذلك عبر المشاركة بقوة في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية. هذا الشعب الذي عودنا على كفاءاته في المناسبات الكبرى، وفي مواجهة التحديات". الموقف ذاته، عبرت عنه الحركة الديمقراطية الجزائرية، برئاسة الرئيس الأسبق أحمد بن بلة، وحزب التجديد.
من جهته، الطرف المستهدف مما يحضر له، ممثلا في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، سارع إلى التهدئة من روعة المشككين، وقد أورد المؤلف في هذا الصدد، تصريحا لرئيس المكتب التنفيذي المؤقت للجبهة الإسلامية للإنقاذ، عبد القادر حشاني، مفاده أن حزبه "سيحترم الحريات الشخصية وحرية التعبير.. في دولة إسلامية وفية لمبادئها".
في الجهة المقابلة، تقف شخصيات أخرى، مثل سعيد سعدي، الأمين العام للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي صرح: "لا نريد حضور مشاهد دفن الجزائر"، في إشارة إلى رفضه استمرار فعاليات الدور الثاني من الانتخابات، طالما أنه سيكرس فوز "الفيس"، وإلى جانب الأرسيدي تقف أحزاب مجهرية مثل حزب الطليعة الاشتراكية (الباكس) بزعامة الراحل الهاشمي الشريف، والحركة الديمقراطية من أجل التجديد الجزائري، برئاسة الراحل سليمان عميرات.
ويجتهد علي هارون في البحث عن مبررات مقنعة لوقف المسار الانتخابي المختلف بشأنه، فيعتبر نتائج الدور الأول عقابا لحزب جبهة التحرير الوطني بسبب سوء تسيير البلاد طيلة ثلاثة عقود، وليس لاعتبارات إيديولوجية "أصولية".
الشاذلي منفذ المادة 84 من الدستور
وفي ظل هذا الجدل، واصلت اللجنة المشتركة عملها، وهي تبحث في مخرج دستوري لوقف العملية الانتخابية. يقول علي هارون: "ركزت اللجنة عملها انطلاقا من المادة 84 من دستور 23 فيفري 1989، التي تتحدث عن مخرجين، الأول يخص عجز الرئيس عن أداء مهامه لأسباب مرضية خطيرة ومزمنة، الاستقالة أو الوفاة. وفي هذه الحالة يحل محله رئيس المجلس الشعبي الوطني لمدة 45 يوما تجرى خلالها الانتخابات الرئاسية، علما أن بلخادم كان آنذاك رئيسا للبرلمان.
أما المخرج الثاني فيتمثل في تزامن وفاة رئيس الجمهورية مع برلمان محل في عطلة ما بين الدورتين، وفي هذه الحالة يكون رئيس المجلس الدستوري هو المنوط بتولي مسؤولية الرئاسة لمدة 45 يوما أيضا، تحضر خلالها الانتخابات الرئاسيات. وفي كلتا الحالتين، يقول علي هارون، لا يمكن لعبد العزيز بلخادم، رئيس المجلس الشعبي الوطني في ذلك الوقت وأمين عام الأفلان حاليا، أن يكون رئيسا بالنيابة، لأن المجلس لم يعد موجودا بعد الرابع من جانفي 1992 .
لكن رفض الجبهات الثلاث (الفيس والأفلان والأفافاس) لوقف المسار الانتخابي شكل عاملا سلبيا، أثر في سير عمل اللجنة التي تسابق الزمن بـ " دار عزيزة" بالأبيار، على حد تعبير علي هارون. ومع ذلك تم وضع أجندة للتنفيذ قبل موعد الدور الثاني للانتخابات، المقرر في 16 جانفي 1992 وحسب هواري قدور مسؤول جبهة القوى الاشتراكية بان الزعيم افافاس السيد حسين ايت احمد رفض منصب رئيس الجمهورية في حالة انقلاب لعدة الاسباب
- عدم السماح للعسكر ان يحكموا
- عدم رضى توقيف مسار الانتخابي .
- خوف من دوامات الدماء الجزائرين
- خوف من الفتنة بين الجزائريين
- عدم رضى تدخل الأجنبي في توقيف مسار انتخابي
.....الخ .
ووضعت المجموعة المشتركة المادة 84 من الدستور على طاولة التشريح، وأعضاؤها مقتنعون بأنها تتيح أكثر من خيار لتحييد الرئيس الشاذلي بن جديد، مثل عجز الرئيس عن أداء مهامه الدستورية، بسبب: المرض الخطير المزمن (الفقرة الأولى)، الاستقالة (الفقرة الثالثة)، والاستقالة الإرادية أو الوفاة (الفقرة الرابعة)، إلى جانب المادة 85 .
وفي ظل ما هو متاح من خيارات، ركزت المجموعة المشتركة على خيار الاستقالة الإرادية لرئيس الجمهورية، وهو ما اقترحته اللجنة على الرئيس الشاذلي بن جديد، كحل لتفادي الذهاب إلى الدور الثاني من الانتخابات التشريعية.
ويعترف علي هارون بأن إطارات الجيش شرعت في الاتصال بالرئيس دون علم الطرف المدني في المجموعة المشتركة، علي هارون وبوبكر بلقايد. أول اتصال بين نزار والشاذلي كان في 28 ديسمبر، اللقاء الثاني كان بعد ذلك بأيام، وخلف انطباعا بأن الرئيس سيقوم بمبادرة، أما اللقاء الثالث فكان في 6 جانفي. "ومنذ اللقاء الرابع فرضت الاستقالة بوضوح على الرئيس لتفادي أية مغامرة".
كانت اللجنة تنتظر نتائج لقاءات الجنرال خالد نزار بالرئيس الشاذلي بن جديد على أحر من الجمر. وجاء إخبار وزير الدفاع لأعضاء اللجنة المشتركة بتفاصيل اللقاء الرابع مع الرئيس والذي تم بحضور أحد أقرب أصدقاء الشاذلي الشخصيين، ممثلا في الجنرال أحمد جنوحات، ليخفف من تذمر الطرف المدني في اللجنة (بلقايد وهارون) على خلفية عدم إطلاعهم بتفاصيل ما يجري من مفاوضات خلف الستار.
وحسب المؤلف فإن الرئيس الشاذلي طلب في اللقاء الرابع الذي تم بحضور الجنرال أحمد جنوحات، الاتصال بقائد الحرس الجمهوري، ديب مخلوف، من أجل ترتيب إعلان الاستقالة والانسحاب من الحياة السياسية، أمام الجزائريين.
هارون وبلقايد وتواتي وتريغت يحررون الاستقالة
بعد قرار الرئيس بتقديم استقالته، دعيت المجموعة المشتركة لتحرير مشروع استقالة رئيس الجمهورية، التي تليت عبر الشاشة في التاسع جانفي، وهو ما فتح المجال أمام أعضاء اللجنة كي يباشروا تطبيق إجراءات المادة 84 من الدستور،
يقول علي هارون: "بالطبع، بالنسبة إلى الرأي العام الوطني والدولي، الجيش هو من دفع الرئيس إلى تقديم الاستقالة"، مشيرا إلى ما ذهبت إليه بعض وسائل الإعلام، التي أكدت أن جنرالات الجيش هم من أزاح الرئيس، رغم تأكيد الشاذلي بأنه قدم استقالته بشكل إرادي لمصلحة البلاد.
بن حبيلس يرفض.. وطالب وعبد السلام لم يحققا الاجماع
كانت حسابات اللجنة المشتركة تراهن على تولي عبد المالك بن حبيلس، رئيس المجلس الدستوري الرئاسة بالنيابة، غير أن خيبة الرباعي (تواتي، تريغت، بلقايد وهارون) كانت كبيرة بسبب رفض بن حبيلس خلافة الرئيس، لعدم توفر الشروط الدستورية، والتي في مقدمتها غياب عامل وفاة الرئيس، وهو ما اعتبره المؤلف قراءة ضيقة للمادة 84 .
عندها شرع الجميع في البحث عن شخصية تخلف الرئيس المستقيل في أقرب وقت ممكن بمواصفات معينة مثل الماضي الثوري والسمعة الطيبة والحضور لدى الجزائريين، لتفادي حالة الشغور الدستوري أولا، ومسابقة الزمن الذي في غير صالح المجموعة المشتركة ثانيا، على اعتبار أن الدور الثاني من الانتخابات لم يتبق له سوى 6 أيام فقط.
طرح من بين الشخصيات المرشحة لخلافة الشاذلي، حسين آيت أحمد ( لكن رفض هذه الفكرة رغم كان من أحد زعماء الثورة البارزين وأحد الخمسة الذين خطفتهم فرنسا بينما كانوا متجهين على متن طائرة من الرباط إلى تونس في 1956أكتوبر، لكن موقفه الرافض لوقف المسار الانتخابي عقد الأمر،في حين لم تحظ شخصيات أخرى بالإجماع، مثل أحمد طالب الإبراهيمي وبلعيد عبد السلام.
الاستنجاد ببوضياف
في ظل ما هو متاح، لم تجد المجموعة المشتركة أفضل من محمد بوضياف، الموجود بمنفاه الاختياري في المغرب. يقول علي هارون: "كان منتصف الليل عندما اتصلت ببلقايد لأعرض عليه مقترح بوضياف.. فرد علي: وهل سيقبل؟"، غير أن المشكل هو أن الجنرالين تريغت وتواتي لا يعرفان الرجل. وفي الثانية صباحا اتصلنا بالجنرال نزار لإطلاعه على الأمر، فلم يمانع ووضع الثقة في مقترح المجموعة الرباعية.
يقول هارون: "في اليوم الموالي، طلبت من ناصر بوضياف، الإطار بوزارة حقوق الإنسان، الاتصال بوالده، ليخبره بأن علي هارون سيزوره في المغرب.. اتصلت بأصدقائي في المغرب من عائلة بن موسى، وفي مقدمتهم الأب، سي محمد، الذي يعتبر من أصدقاء الثورة. في 10 جانفي طرت نحو الدار البيضاء على متن رحلة عادية للخطوط الجوية الجزائرية تحمل الرقم 4012، في سرية تامة، ولم يعلم بهذه المهمة حتى سفير الجزائر بالمغرب، باستثناء السيدة بن موسى وابنتها رجاء، اللتين استقبلتاني في مطار محمد الخامس.. التحقت مباشرة بمدينة القنيطرة في سيارة العائلة المغربية..".
في ضيافة سي الطيب الوطني
ويضيف هارون: "كان بوضياف في انتظاري لوجبة الغداء سويا.. عرضت عليه وضعية البلاد الداخلية، واستقالة رئيس الجمهورية الذي سيلقيها بعد غد11جانفي، المجلس الشعبي الوطني محل، رفض رئيس المجلس الدستوري خلافة الرئيس، ومخاطر سقوط البلاد بعد16جانفي (الدور الثاني) في ظلام الدولة الثيوقراطية (الدينية) الشمولية..".
رد بوضياف قائلا: "أولا، من أرسلك؟ ومن قرر؟ ومن فكر في الحلول المقترحة؟ "، فأجاب علي هارون: "العسكر على أعلى مستوى بالاتفاق مع رئيس الحكومة، وقد كلفوني بهذه المهمة"، وتابع "فكرنا في قيادة خماسية تخلف منصب الرئيس المستقيل، وبقيت المشكلة فيمن يشغل دور المنسق، وجئت باسم الجميع لأطلب منكم المساعدة".
تردد بوضياف بين القبول والرفض والممكن، يقول علي هارون، الذي شرح له بأن بعده عن الجزائر طيلة ثلاثة عقود وعدم مشاركته في الحكم يعتبر عاملا مساعدا. تدخلت السيدة بوضياف لتقول: "محمد (بوضياف)، تقول دائما سندخل الجزائر عندما تكون الجزائر في حاجة إلي. واليوم ها هي تناديك، فمتى ستلبي دعوتها؟".
.. في سرية إلى الجزائر
لم يقدم بوضياف جوابا لعرض ضيفه، لكنه قرر السفر ليلة واحدة في سرية تامة إلى الجزائر للقاء أصدقائه القدامى. تفرق الرجلان على هذا الاتفاق. يقول هارون: " عدت من الدار البيضاء في بداية الأمسية. كان الجنرال محمد تواتي ينتظر على أحر من الجمر اتصالا مني ليطلع على موقف بوضياف.
في صبيحة اليوم الموالي عدت أدراجي، يضيف هارون، إلى الدار البيضاء، لتقديم المزيد من التوضيحات، وخاصة بعد أن تناهى إلى علمي بأن أحد أصدقاء بوضياف قد أقنعه بعدم قبول العرض. يوم الإثنين 13جانفي طرت من المطار العسكري ببوفاريك للحفاظ على سرية مهمتي، برفقة الجنرال محمد تواتي، والعقيد إسماعيل العماري (متوفى) مسؤول مكافحة الجوسسة، باتجاه الرباط. عاد الثلاثة برفقة بوضياف الذي اكتشف بلاده بعد 29 من المنفى، ليجد خالد نزار في انتظاره عند سلم الطائرة.
انتقل الجميع إلى "دار عزيزة" بالأبيار، وهناك كانت الكثير من الشخصيات السياسية والعسكرية والنقابية ورفاق بوضياف من قدماء حزب الشعب الجزائري والمنظمة الخاصة في انتظاره. وبعد غداء جماعي أعطى "سي الطيب الوطني" الانطباع بأنه يقبل المهمة، قبل أن يعود في صبيحة الغد على متن نفس الطائرة إلى المغرب. وخلال الرحلة قال بوضياف لعلي هارون "إن الجزائر على حافة الهاوية، ويجب تقديم تضحيات لإنقاذها"، وكل هذا تم في سرية تامة.
يوم 14 جانفي أعلن المجلس الأعلى للأمن إنشاء المجلس الأعلى للدولة، وفي صبيحة 16جانفي تم استقبال بوضياف رسميا عائدا إلى بلاده، ليستقبل استقبالا رسميا بمستوى الهيبة التي تليق بمقام الرؤساء، قبل أن يصبح الخليفة الرسمي للرئيس الشاذلي بن جديد، حتى قبل مراسيم أداء القسم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/01/2012
مضاف من طرف : chelifien
صاحب المقال : HOUARI Kaddour
المصدر : ffs