الجزائر

الفنان المسرحي الشاب شيدوح لـ''المساء'':‏المسرح مدرسة توجّه، توعي و تصلح المجتمع




شهدت مساء أول أمس دار الثقافة ''مبارك الميلي'' لولاية ميلة، فعاليات اختتام الملتقى الوطني ''لوحة وقصيدة'' في دورته الأولى، والذي دام ثلاثة أيام وعرف مشاركة كوكبة من الشاعرات والفنانات التشكيليات من 11 ولاية من ربوع الوطن، على غرار قسنطينة، عنابة، المسيلة، تيزي وزو، الجزائر العاصمة وغيرها.
ويهدف هذا الملتقى بالدرجة الأولى، حسب ما أوضحته بعض المشاركات لـ ''المساء''، إلى المزاوجة والمزج بين القلم والريشة، وكذا تلاقي المواهب الشابة في كلا الفنين مع إبراز كينونتها، فالشاعرة سهام بوقرة من ولاية قسنطينة استلهمت قصيدتها ''ربوع بلا ذكرى'' من لوحة ''زمن المتغيرات'' للفنانة التشكيلية شراف نادية من تيزي وزو، واعتبرت أن اللوحة تستطيع أن تكون مصدر إلهام الشاعر لأنها تعبر فعلا عن مشاعره الفياضة وتجسد في كثير من الأحيان ما يتطلع إليه الشعراء. وأشارت الفنانة التشكيلية بن دالي شفيقة لـ ''المساء''، إلى أن الشاعر بطبعه يمتلك ملكة التعبير الصادق ولهذا ''أردنا أن نزاوج بين الفن التشكيلي والشعر حتى يستطيع هذا الأخير مباشرة إيصال الفكرة للمتلقي''. مؤكدة من ناحية أخرى على نجاح هدا الملتقى وخاصة أنه استقطب على مدى أيامه عددا لا بأس به من متذوقي كلا الفنين. وفي حديثها عن الفن قالت بن دالي أنه بدأ يسترجع مكانته بدليل إقامة مثل هذه التظاهرات التي أصبحت تكتسي طابعا وطنيا، كما أن الفنان أثبت وجوده في الآونة الأخيرة رغم الإمكانات المحدودة لديه. وأعلنت الفنانة في هذا السياق عن ميلاد جمعية نسوية للفن التشكيلي لأن هنا الكثير من الفنانات التشكيليات المبدعات في الجزائر لكنهن غير معروفات. مؤكدة أن الهدف من تأسيس هذه الجمعية هو لم شمل جميع الفنانات وإبراز مواهبهن من خلال تنظيم معارض داخل وخارج الوطن. وشددت في الأخير على ضرورة لعب المرأة الفنانة الدور المنوط بها في المجتمع لتمهيد الطريق أمام الأجيال القادمة، من خلال مواصلة مشوار الكفاح حتى لا يندثر هذا الفن. وكشفت أيضا عن مشاركتها في شهر أفريل القادم في معرض للفن التشكيلي بمدينة صفاقس بتونس الشقيقة.                        
 
مازالت الأعمال المسرحية للراحل كاتب ياسين تستقطب اهتمام المختصين والأكاديميين، إذ قامت المترجمة، الدكتورة ملكة أبيض، بترجمة نصين من أهم أعماله هما مسرحيتا ''الجثة المطوقة'' و''الأجداد يزدادون ضراوة'' في كتاب واحد صدر مؤخرا عن الهيئة العامة السورية للكتاب، حسبما أوردته وكالة الأنباء السورية ''سانا''.
وحسبما ذكرت المترجمة في مقدمة الكتاب؛ فإنه كان من المؤلم أن نموذجا أدبيا، عالميا، حضاريا وعربيا يتخذ الفرنسية وسيلة للتعبير، بسبب القمع الاستعماري، ذاكرة أسماء أهم كتاب الجزائر في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية مثل مولود فرعون، مولود معمري، محمد ديب، مالك حداد وكاتب ياسين.
وتعتز المترجمة بما أقدمت عليه في عملها في كتب كاتب ياسين، حيث ترى ذلك إسهاما في دعم الثورة الجزائرية منذ عام ,1962 عن طريق تعريف أبناء الوطن العربي بهذه الآثار الأدبية الجميلة، وإثارة روح المقاومة فيهم والتضامن مع أشقائهم في بلد الآثار الأدبية الجميلة، وإثارة روح المقاومة الابداعية والتضامن مع أشقائهم في بلد المليون ونصف المليون شهيد.
وقد اختارت ملكة أبيض أعمال كاتب ياسين لترجمتها نظرا لكونه أشد كتاب الجزائر عمقا وأصالة وأكثرهم ارتباطا بالماضي بواقعية جديدة يكشف فيها الحاضر الاجتماعي الجزائري بأسلوب شعري أطلق عليه إدوار غليسان اسم أسلوب ''الواقعية الشعرية''.
ونص ''الجثة المطوقة'' لياسين مستلهم من أحداث الثامن ماي 1945 الدامية، وهي الأحداث التي شكلت رد فعل عنيف من المستعمر الفرنسي على مظاهرات المطالبة بالاستقلال فقد قتل فيها خمسة وأربعون ألف متظاهر وقد شارك ياسين في هذه المظاهرات وهو لا يزال فتى في السادسة عشرة من عمره واعتقل إثرها وفصل من المدرسة.
وتبدو ''الجثة المطوقة'' جزءا هاما من مجموعة أعمال الكاتب؛ فعند قراءتها يتخاطر للذهن عنوان ''نجمة'' وهي أحد أهم روايات ياسين؛ فينطلق في عمله الروائي وفي المسرحية من حياة القسوة تحت الاحتلال بأسلوب رقيق يجمع أعماله ويرتبط بحاضرها السياسي والاجتماعي ارتباطا وثيقا.
والمسرحية تمثل نموذجا فريدا من كفاح الشعب الجزائري عبر ''التراجيديا الواقعية''، ويبرز ياسين من خلال هذا العمل الذي عرض في العديد من مناطق العالم، الأساليب الاستعمارية الدموية في مدن الشرق الجزائري الثلاث قالمة، خراطة وسطيف، كما تدين الاستعمار وتبرز استنكار كاتب ياسين الشديد للتعصب.
وترى المترجمة أن الأسلوب السردي الحداثي، الذي يتخذه ياسين في نصه، يقف مع أبطال النص ولا يقل وجودها أهمية عن أحداث العمل ككل كونها تتجاوز الرتابة والكلاسيكية نحو الواقعية الكاملة التي تنتمي للواقع الحقيقي بامتياز دون إهمال تفاصيله مع الشعرية التي تعطي النص المسرحي أريحية في الأداء وحتى في التلقي أثناء القراءة.
أما المسرحية الثانية ''الأجداد يزدادون ضراوة'' أو بترجمة أخرى الأجداد يضاعفون من ضراوتهم؛ ففيها يربط الكاتب بين حاضر الشعب الجزائري وجذوره القبلية، على حد قول المترجمة، فهو يمثل في الأجداد القوة الهائلة التي تملأ سماء الجزائر وأرضها روحا هائمة قلقة لا تجد الراحة وكأنها قتيل توانى أحفاده عن الثأر له؛ فإذا به ينقلب عقابا يحوم فوق رؤوسهم ويحاصرهم ويسد عليهم الآفاق ويستصرخ فيهم المروءة والشرف.
وتكمل ''الأجداد يزدادون ضراوة'' برموزها وأحداثها مسرحية ''الجثة المطوقة''؛ فهي تبلغ فيما تقدمه مرحلة الثورة المسلحة والحرب التي تعبئ كل طاقات الشعب الجزائري لإنتزاع حريتهم واستقلالهم.

تدعمت الساحة السينمائية بالوطن وتلمسان - على وجه الخصوص - بصرح جديد يتمثل في قاعة سينما أطلق عليها اسم المخرج الراحل جمال الدين شندرلي عرفانا لدوره المحوري في التعريف بالقضية الجزائرية، إذ أوكلت له جبهة التحرير الوطني قطاع الإعلام إبان الثورة التحريرية، وسطرت دائرة السينما بتظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية'' فعالية بانوراما الأفلام الوثائقية التي عرضت خلال السنة بتلمسان.
حسب السيد عبد الكريم آيت أومزيان، رئيس دائرة السينما باللجنة التنفيذية لتظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''؛ فإن البانوراما التي تضم ثلاثين فيلما وثائقيا ستنظم في الفترة الممتدة بين 15 و21 مارس الجاري، وقد تمت برمجة هذه التظاهرة بالتزامن مع إعادة فتح قاعة السينما ''شندرلي'' (كوليزي سابقا) يوم 14 مارس، وأضاف أن الأفلام ستتنافس على ثلاث جوائز، هي أحسن فيلم، أحسن سيناريو وبحث تاريخي وجائزة أحسن بناء تاريخي.
وتابع يقول إن كل العروض ستبرمج في القاعة الجديدة التي أضحت قاعة مثالية للعروض السينمائية، حيث جهزت بأحدث المعدات، وذكر أن لجنة التحكيم لهذه البانوراما سيتم الإعلان عنها لاحقا، كما ستتم وسط حضور إعلامي مكثف ووجوه فنية بارزة، إضافة إلى المخرجين أصحاب الأفلام المشاركة.
وأشار المتحدث إلى أن دائرة السينما خصصت - بالمناسبة - عرض ثلاثة أفلام للمخرج الراحل جمال الدين شندرلي وبتعلق الأمر بـ''ياسمينة''، ''جزائرنا'' و''صوت الشعب''، وهي من بين الأعمال الأولى للسينما الجزائرية المكافحة للاحتلال الفرنسي، حيث يعتبر فيلم ''ياسمينة'' المنتج من قبل مصلحة السينما للحكومة الجزائرية المؤقتة القائمة آنذاك بتونس، أول فيلم ينتج سنة ,1957 ويروي الفيلم قصة ياسمينة، الفتاة الصغيرة التائهة التي شردها دمار الحرب من منزلها إلى الحدود التونسية - الجزائرية بحثا عن عائلتها التي تعرضت للقصف.
على صعيد آخر، كشف السيد آيت أومزيان أنه بصدد التحضير لإطلاق الدورة الأولى لمهرجان الجزائر للفيلم المغاربي شهر جوان المقبل بالعاصمة، وصرح بخصوصه - كونه محافظ المهرجان - أنه سيجمع بلدان المغرب العربي في فضاء سينمائي رحب، كما سيتطرق لسينما الساحل بإستضافة بلد أو اثنين كضيوف شرف من منطلق التقارب الجغرافي مع بلدان المغرب العربي، إضافة إلى بروز سينما جيدة بالمنطقة، وأضاف المتحدث أن المهرجان سيطلق موقعه على الأنترنت بحر الأسبوع الجاري، للتعريف به وفتح مجال الترشح والاعتماد للذين يريدون المشاركة لنيل جائزة ''أمياس الجزائر'' وهو الاسم الذي أطلق على الجائزة الكبرى للمهرجان الذي يعكس التمسك بأحد مقومات الثقافة الجزائرية في بعدها الأمازيغي.   

يعدّ الشاب شيدوح الطيب من الوجوه المسرحية التي بدأ نجمها يسطع في سماء أبي الفنون، زادته مشاركته في مسلسل ''الوهم'' تألّقا أكثر، ''المساء'' التقت به وتحدّثت معه في عدد من المسائل المسرحية والمستقبلية.
- من يكون شيدوح الطيب؟
* شاب ككلّ شباب سكيكدة، يهوى المسرح إلى النخاع، من مواليد 1972 بعاصمة روسيكادا، وتعلّقت بالمسرح منذ صغري.
- من هذا المنطلق، هل لك أن تحدّثنا عن بدايتك المسرحية؟
* طبعا كانت بدايتي المسرحية في سنة 1994 كممثل في فرقة الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية، حيث اكتشفت لأوّل مرة ركح المسرح والجمهور، وبعدها انتقلت إلى المعهد البلدي للفنون بداية من سنة 1998 إلى غاية ,2001 وقد كانت مرحلة جدّ مهمة في حياة شاب مثلي، يسعى كي يتعلّم أبجديات المسرح، وفعلا كان لي ما أردت في مجال المعرفة المسرحية بوجه عام، ليتم بعدها بمعية شباب مسرحي تأسيس جمعية الصرخة للمسرح.
- لماذا سعيتم لتأسيس هذه الجمعية، سيما وأنّكم ما زلتم في بداية الطريق؟
* صحيح، لكن رأينا أنّ تأسيس جمعية تهتم بالمسرح، سيمكّننا من تفجير موهبتنا ومن ثم ترقية العمل المسرحي الهادف، وكذا إيجاد إطار يسمح لنا بالمشاركة - دون إقصاء- في كلّ المهرجانات والمسابقات الوطنية بغرض الاحتكاك والتعلّم وكسب المزيد من المعارف المسرحية التي تساهم في ترقية عملنا المسرحي الابداعي، زيادة إلى هذا، توفير موارد مالية سواء لتسيير الجمعية أو لضمان مورد لأعضاء الفرقة على أساس أنّهم بطالون..
- وهل تحقّقت أمنيتك في هذا؟
* طبعا، لقد شاركت في العديد من الأعمال المسرحية، حيث أدّيت دورا في ملحمة ''20 أوت ,''55 كما شاركت كممثل في مسرحيات ''علاء الدين والمصباح السّحري''، ''عام لحبل'' و''ثورة بلحرش''.. للمسرح الجهوي لمدينة سكيكدة، إضافة إلى مشاركتي في العديد من السكاتشات بإذاعة سكيكدة، وفي مسلسل ''الوهم'' للمخرج عبد الرزاق هلال، وأيضا في شريط وثائقي حول هجومات 20 أوت 55 للمخرج عصماني.
- وماذا عن مشاريعك الخاصة؟
* لي مشاريع لمسرح الكبار، منها التحضير لعمل مسرحي للكاتب عزيز نسّي.
- كيف تنظر إلى التمثيل المسرحي؟
* التمثيل المسرحي فن يهدف إلى تربية، توعية، توجيه وإصلاح ما اعوجّ من فروع الفساد في المجتمع، فهو مدرسة من خلالها يحاول الفنان المسرحي الملتزم -أقول- ''الملتزم'' إيجاد -عن طريق النقد البنّاء الذي تجتمع فيه الفكاهة بالمأساة والملهاة- حلول لمشاكل المجتمع بما فيها مشاكل الشباب، وجعلها في إطارها الصحيح.. ثم إنّ التمثيل المسرحي نوع من أنواع التمرّد عن التقاليد البالية والسلوكات السيئة، وثورة في وجه الإنحراف والفساد، وصيحة في وجه الظلم، وابتسامة في وجه البائس المهموم...
- ما هي أهم أعمالك المسرحية؟
* في رصيدي ورصيد الجمعية، العديد من الأعمال المسرحية منها مسرحية ''رسالة حب''، ''الطّرب يدور'' ومنولوج ''مدني ولد المنسي'' و''أندوّرها راب'' وكذا ''نماذج لا تصدأ''.
- كيف تقيّم الحركة المسرحية بسكيكدة؟
* لقد عرفت الحركة المسرحية في الفترة الأخيرة قفزة نوعية وحركية لم تشهدها من قبل، والفضل في كل هذا يعود للمسرح الجهوي الذي أعطى نفسا جديدا للحركة المسرحية بالولاية، على الرغم من أنّ الإشكال الوحيد الذي يبقى مطروحا هو قضية ترسيم الفنانين كمسرحيين محترفين، بالخصوص أولئك الذين سبق لهم وأن كانوا النواة الأولى لتأسيس فرقة المسرح الجهوي لسكيكدة، أمّا الإشكال الثاني الذي يواجه هذا الفن، هو افتقار سكيكدة لمدرسة متخصّصة في التكوين المسرحي سواء في التمثيل أو الإخراج أو فن السينوغرافيا.
- ما هي أهم الشخصيات المسرحية التي كان لها فضل بروزك كفنان مسرحي؟
* هم كثيرون، لكن سأذكر البعض منهم سواء كانوا كتّابا أو مخرجين أو حتى ممثلين ومسرحيين، من أمثال: محمد لحبيب، لحسن بوبريوة والممثلة القديرة صونيا التي افتقدها المسرح الجهوي لسكيكدة بعد أن استقر بها المقام مؤخّرا بعاصمة بونة، وكذا عبد الرحمن زعبوبي في السينوغرافيا وسليمان الحابس في التعبير الجسماني.
- كلمة أخيرة.
* أشكر من أعماق القلب، يومية ''المساء'' التي أتاحت لي هذه الفرصة الطيبة التي تنم عن اهتمامها بالمواهب الشابة ومرافقتهم في عالمهم الإبداعي، فنحن الشباب نبقى دائما بحاجة إلى مثل هذه الإلتفاتات، فشكرا لكلّ القائمين عليها.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)