الجزائر

الفنانة التي قالت "هوايا شرقي وهوى الريمتي غربي" بڤار حدّة.. من صالونات المجد إلى الموت في قبو



الفنانة التي قالت
صدحت بصوتها القوي عاليا لتسمع اللحن الشاوي عبر ربوع الوطن انطلاقا من مسقط رأسها بدشرة بني بربر بولاية سوق أهراس في 21 جانفي 1920،  وصولا الى مختلف ولايات الوطن. حدة الخنشة،  أو كما يعرفها جمهورها بڤار حدة،  واحدة من الأسماء الفنية الجزائرية التي لم ينصفها الفن الذي انتمت إليه،  ولا الإعلام الذي صنع من غيرها نجوما سطعت في الأفق ولا حتى التاريخ والزمن الذي غادرته في سن الثمانين دون حتى عنوان إشارة. اسم فني تنطبق عليه مقولة "أكلت لحما ورميت عظما" بكل ما تحمله هذه العبارة من معنى وبلاغة تعبير،  فنانة من العيار الثقيل رغم ما شاب مسيرتها من غموض طمس هويتها الفنية وركنها إلى هامش لا تحده الحدود.  عانت،  كغيرها من الفنانات،  في بداية مشوارها الفني من رفض جمهورها لكلمات أغانيها،  مثلما رفضت وهران خلال فترة معينة كلمات أغاني "الشيخة الريميتي"،  لكن هذه الأخيرة تصالح معها جمهور الباهية الذي حملت مشعل لونه الفني،  فيما لم يتصالح جمهور بڤار حدة معها وبقي مهمشا لمسيرتها الفنية الطويلة. "فنانون يغترفون من ريبرتوارها الفني ويطمسون حقيقتها" الحديث عن التهميش الذي عانت منه الفنانة الراحلة من طرف الإعلام،  وغيرها من الجهات التي توجه إليها أصابع الاتهام في كل مرة،  يقودنا إلى الأدهى من ذلك،  هو أن يغترف بعض فناني الطابع الشاوي من أغاني بڤار حدة،  ويعكفون على إعادة بعض أغاني الفنانة مع جهلهم التام لحياتها الخاصة والفنية،  والأهم من ذلك تحججهم بالبحث في التراث الجزائري،  مستثنين بذلك معرفة الفنان الذي تعاد أغانيه المعرفة التي تمنحه المكانة التي يستحقها،  وهو ما أكدته الشابة يمينة.. التي اعترفت أنها أعادت بعض أغاني الفنانة بڤار حدة لكنها بالمقابل لم تنكر جهلها التام لحياة هذه الأخيرة،  وصرحت:"ما أعرفه عن بڤار حدة لا يتعدى ما يعرفه القلة عن بعض أغانيها،  ولم يساهم أحد في التعريف بها". الأمثلة كثيرة عن جهل الوسط الفني للفنانة بڤار حدة،  والفنان نصرالدين حرة الذي يتحدث في كل مرة عن الاهتمام البالغ الذي يوليه للتراث الجزائري،  كشف لنا في حديثنا معه عن جهله الكامل بواحدة من أعمدة التراث الجزائري التي منحت حياتها للفن الجزائري،  وأسهمت في صنع أفراح الغير الذين تنكروا لها ولفنها وطمسوه بين ثنايا النسيان،  حيث أقر حرة أنه لا يهتم باللون الغنائي الذي اشتهرت به الفنانة بڤار حدة،  ولم يهتم يوما بالاطلاع على رصيدها الفني الذي خلفته بعد مسيرة طويلة،  وقال:"أنا لا أعرف شيئا عن الفنانة بڤار حدة،  كما أن اللون الفني الذي أؤديه بعيد كل البعد عن الذي اشتهرت به الفنانة".. ولأهل الاختصاص الحكم على ذلك. "الجمهور أكثر إنصافا للفنانة" وعكس أهل الفن هناك من العامة والجمهور الذين اهتموا بأمر الفنانة وتأسفوا كثيرا لما عانته الفنانة أواخر حياتها والوضعية المزرية التي وصلت إليها، وأبوا إلا أن يوثقوا شهاداتهم، على غرار السيدة جنات،  التي أكدت أنها تواصلت مع الفنانة في الفترة الأخيرة من حياتها،  وقالت إن بڤار حدة كانت تقطن بغرفة صغيرة وسط حي شعبي يعرف بـ" أوزاس" بمدينة عنابة،  كما التقت بها في العديد من المرات في حمام "لوصافنا" الذي كانت تقصده الفنانة للاستحمام، ولأنها لم تكن تحتكم على أي فلس،  كان يدفع عنها ذوو الإحسان تكلفة الحمام لكنها بالمقابل كانت تمتعهم بما كانت تملك ذاكرتها الفنية من وصلات غنائية،  مؤكدة أن بڤار حدة عاشت آخر أيام حياتها على صدقة أهل البر ومعونة الغير. وأضافت محدثتنا أن قساوة الحياة دفعت الفنانة حدة إلى مد يدها للغير،  حيث كانت تتسول أمام مداخل البنايات وتسأل الناس العون لتغطية متطلباتها اليومية.  الطاوس ب/ نورالدين.ب


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)