كثيرا ما نسمع عبارة هذا مستحيل وهذا ممكن، ولكن دون التفريق بين ما يكون مستحيلا أو ممكنا عقلا وبين ما يكون كذلك عادةً، وفي الحقيقة هناك خلاف بين ما يحكم به العقل وما تحكم به العادة، والحكم لغة بمعنى المنع والصرف، يقال: حكمت الرجل عن إرادته إذا صرفته عنه، ومنه سمي الرجل حكيما، لأنه يمنع نفسه عن ما لا ينبغي، ومنه الحديدة التي في اللجام، لأنها تمنع الدابة عن العدو والجموح، وهو أيضاَ بمعنى الإحكام والإتقان؛ ومنه الحكيم في صفاته تعالى، وهو فعيل بمعنى مفعل.
والحاكم عند علماء الإسلام إما الشرع وإما العقل وإما العادة بذلك ينقسم الحكم إلى ثلاثة أقسام: شرعي وعادي وعقلي؛ فأما الشرعي فهو: خطاب الله القديم المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير، وأما العادي فهو: إثبات أمر لأمر، أو نفيه عنه بناء على تجربة أو تكرار، وأما العقلي فهو: إثبات أمر لأمر، أو نفيه عنه بناء على تفكير دون توقف على شرع، ولا تجربة أو تكرار.
ولما كان موضوعي حول حكم العقل وحكم العادة ركزّت عليهما في هذا البحث الذي بينت فيه الفرق بين هذين الحكمين وما يترتب على عدم التفريق بينهما من أخطاء وخيمة؛ ومن هذه الأخطاء: اعتقاد أن القوانين والنواميس التي يسير عليها الكون لا تتبدل ولا تتغير بناء على أن هذا ما حكم به العقل الذي لا يقبل التخلف؛ وهذا خلاف الواقع فإن كثير من الأحداث خاصة معجزات الأنبياء هي مخالفة لقوانين الطبيعة ورغم ذلك نؤمن بأنها حصلت، فنستنتج من ذلك بأن قوانين الطبيعة مبنية على حكم العادة لا حكم العقل.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 04/04/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - أحمد المصري
المصدر : رفوف Volume 5, Numéro 1, Pages 303-320 2017-03-01