الجزائر

الغيرة والحسد تضعان "الصداقة" على المحك



* email
* facebook
* twitter
* linkedin
أكد خبراء علم الاجتماع من خلال دراساتهم الحديثة، تغير قيم المجتمعات مع مرور الزمن، واختفاء بعضها، ليصبح الخير شرا والشر خيرا، وتنمي بدلها صفات تنتشر بين البشر في تعاملاتهم وتصرفاتهم اليومية، ومن بين تلك القيم التي تراجعت؛ وفاء الصديق، وهو ما أشار إليه خبير علم الاجتماع موسى ياسر، الذي أوضح في حديثه مع "لمساء"، أن الكثيرين اليوم، يعانون من خيانة الصديق لهم، بعدما كانت ميزة الصدق والصداقة أكثر ما يطبع المجتمع الجزائري، مستشهدا بالعلاقات القوية التي كانت تسود قديما أفراد المجتمع.
بداية، كان ل«المساء" استطلاع في شوارع العاصمة حول الصداقة، فتبين أن هذا المفهوم يختلف بين فئتين؛ فئة مقتنعة بها وتؤمن بوجودها، في حين لا يؤمن أخرون تماما بمفاهيم الصداقة، بسبب واقعة أو تجربة أو موقف حدث معهم مع صديق مقرب.
حدثتنا شهناز، طالبة جامعية قائلة "لدي صديقات عديدات، إلا أن اللواتي أثق فيهن ثقة كبيرة يعدن على الأصابع، وأكثر من أحدثها عن أسراري وخصوصياتي واحدة فقط، لأن الصدق والأمانة والوفاء ميزات نسبية لدى الأشخاص، ولا يمكن دائما أن نأمل الكثير من شخص، لأنه أحيانا يمكن أن يخيب آملنا ببعض التصرفات".
صرحت من جهتها عائشة (طاعنة في السن) "القيم تغيرت، كانت الصداقة في زمن مضى منتشرة بين الكثيرين، وكانت الجيرة نوع من أنواع الصداقة، حيث تجد الجارة صديقة جارتها، تدخل بيتها وتشاركها حياتها، في المقابل تصون حرمتها ولا تخونها أبدا، لدرجة أن هناك بعض العائلات العريقة التي تتواصل مع أفراد لا تربطهم علاقة دم ورحم، إنما فقط صلة صداقة ومحبة ووفاء، وتجد لدى هؤلاء الأفراد عادات زيارة العائلة كالقريب، يشاطرهم الفرحة والقرحة ولقوة تلك العلاقة، أعطى ديننا الحنيف الجار مكانة عظيمة، فلابد من التواصل معه حتى إذا توفي القريب الذي كان يتواصل معهم".
للصداقة منافع كبيرة، وهي نعمة من الله عز وجل الذي ذكر أنه خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف، ونبني صلات قوية مع الفرد، وهو ما ذهب إليه عديل تاجر في إحدى المحلات بالعاصمة، الذي أوضح أن اختيار الصديق مهمة صعبة، وحمل مهمة الصديق أيضا مسألة جدية، ولابد أن يكون الشخص في مستواها، لأنه أحيانا التعامل الجدي بين الاشخاص يبين لك معدنهم وطبيعة شخصيتهم، فهناك من يغويهم الشيطان ويخونون أصدقاءهم لأسباب مختلفة، وهذا من أسوء الصفات التي قد يتحلى بها الفرد، وهي الغدر بالصديق، لاسيما الشخص الذي يستأمن صديقه على شيء معين، من مال أو عائلة أو رزق أو بنون وغير ذلك.
قال منير من جهته، إن تجربته مع بعض الأصدقاء كانت فاشلة بسبب غدرهم، الأمر الذي جعله يضع خطا أحمر لا يمكن تعديه في العلاقات مع أشخاص آخرين، وقال؛ لمعرفة طبيعة الصديق يمكن السفر أو الدخول معه في تجارة، فالمال والوقت على حد تعبيره يكشف لك الصديق الحقيقي.
في هذا الصدد، قال موسى ياسر خبير الاجتماع؛ جميع المجتمعات تولي أهمية كبيرة للصديق منذ الأزل، فالصديق يمثل الوفاء والأمانة والبديل كذلك، يشاركك كل كبيرة وصغيرة، ولأهمية الموضوع، اهتم الكثير من الشعراء والكتاب بالصديق الذي يعني الصدق، لأهمية تلك الصفة عند التعامل مع الشخص القريب منك، الذي يستأمنك أحيانا حتى على روحه، وأضاف المتحدث أنه اليوم تشهد الكثير من المجتمعات مشكلا كبيرا في هذا الباب، ولا يمكن القول، إن مشكل الخيانة أو الغدر وليد اليوم، بطبيعة الحال هذا خاطئ، لكن المشكل أن حدته زادت في السنوات الأخيرة، بسبب تغير القيم واختلاف معايير المجتمعات وتخلي المربي عن دوره، وأشار إلى أن مشكل الخيانة والغدر راجع إلى أسباب عديدة، أولها الغيرة والحسد والإغراء، فكل حالة تجد وراءها دوافع عديدة.
في هذا الصدد، قال "نلمس هذا المشكل أكثر لدى النساء، بسبب الغيرة الزائدة التي يتميز بها البعض، وتصبح غير متحكم فيها، والرغبة في الحصول على ما تحوزه الرفيقة، أحيانا لأسباب تافهة، فتجد بعض الصديقات يحاولن الكيد لصديقاتهن رغم ثقتهن فيهن، وحقيقة المشكل كامن في تلك الثقة، فكلما كبرت ثقتنا في شخص كلما كانت ضربته قوية، لأن تلك الثقة تخلق نوعا من الغشاء يحجب حقيقة الشخص، ويدفعك إلى الظن بأنه مثالي ولن يقوم بالغدر بك".
أوضح المتحدث أن الغدر بالصديق يمكن أيضا الوقوف عليه بين الأصحاب من الرجال، هنا قد تختلف الدوافع، غالبا ما تكون بسبب المال أو النساء، وهذا حسب حكمة العرب "لا يفسد بين الرجال إلا النساء والمال"، لأن في بعض المواقف يكون الإغراء أكبر من قيم الوفاء والصدق تجاه رفيق الدرب.
في الأخير، قال الخبير، إنه بين هذا وذاك، ليس هناك قاعدة تبين لك كيفية اختيار الصديق، إلا أن ثمة معايير لابد أن يتم اختيار الصديق وفقها، كما يوجد قسم لابد من التحلي به إذا استأمننا شخصا وجعلناه صديقا مقربا، فهي مسؤولية أخلاقية، وتعامل إنساني لابد أن يتم وفق خصال حميدة ومواقف طيبة، ليست فقط بتفادي الإساءة للشخص، إنما الإحسان له.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)