العملة النقدية للدولة الزيانية

على إثر قيام الدولة الزيانية عام 646هـ/1248م، بادر ملوكها إلى سك نقودهم تأكيدا لمبدأ استقلالهم عن الدولة الموحدية وتأسيسهم لأركان وركائز الدولة الجديدة بتلمسان. وقد أوكلت مهمة سك العملة الزيانية في بداية الأمر لأسرة بني ملاّح 1 القادمة من قرطبة، والتي كانت تحترف صناعة سك الدنانير والدراهم. وكان الملك الزياني يغمراسن بن زيان أوّل من استعان بهم، وواصل حلفاؤه نهجه. كانت عملية صناعة النقود تتم بدار السكة بتلمسان، حيث يعمل 'السكّاك' على صهر كميات كبيرة من الذهب والفضة والنحاس المسبوك، وصبّها في قوالب خاصة بالعملة بعد تحديد عيارها. بعدها يقوم عامل آخر يعرف بالفتاح بالنقش على وجهها وظهرها ما يأذن به الملك تحت مراقبة ناظر أو رقيب، يتمثل دوره في إخضاع المصنوع الثمين للوزن والقياس للتأكد من موافقتها الشروط المحددة التي وضعها الملك لعملته 2 . أما المعادن التي كانت تدفع للسكاك فكانت تتم بحضور شاهدين يكتبان في وثيقة أسماءهما، واسم القابض والدافع، وكمية المعدن والأجرة المتفق عليها 3 ونوع وكمية المصنوع من دنانير ودراهم وقراريط.

كانت وحدات العملة الزيانية تتشكل أساسا من الدنانير والدراهم:

أ- الدينار: هو إسم من أصل إغريقي Denarus، أطلق في البداية على القطع الفضية، وبعد قيام الإمبراطورية أصبح مرادفا لتعبير Solidus وهي قطعة ذهبية. كان دينار الدولة الزيانية يتراوح بين 4.48غراما و4.95غ ذهب، أما طول قطره فتراوح بين 31مللّمتر و 34 مم . أمّا عن أجزائه، فتتمثل في نصف الدينار، وربعه، وثمنه. يزن نصف الدينار بين 2.22غ و2.26غ وطول قطره 25مم، والربع يزن حوالي 1.05غ بطول قطر يصل إلى 14مم، والثمن يزن 0.52غ و 0.56غ بطول يتراوح بين 6 و 8 مم.

ب- الدرهم: اسم من أصل فارسي وكذلك يوناني، يشير إلى القطعة النقدية الفضية. وقد كانت النقود الفضية الأكثر انتشارا حول البحر الأبيض المتوسط منذ العصور القديمة بالنظر إلى قلة الذهب وعدم تواجده في كل المناطق. لقد بلغ وزن درهم الدولة الزيانية حوالي 1.5غ، وأجزاؤه هي النصف والربع والثمن 4 .

وعلى الرغم من تشابه العملة الزيانية مع العملة الحفصية والمرينية من حيث الحجم والشكل، فإنها تتميز عنها بخصائص من أهمها: شكلها الدائري وبداخلها مربع، نوعية النقوش، وهي عبارة عن كتابة عربية بخط مغربي مفخم، تحمل العملة الزيانية 5 اسم الملك المتعهد لها، غير أنها كانت خالية من تاريخ الضرب، انفراد تلمسان دون سواها من المدن الزيانية بضرب العملة الزيانية، واستمر ذلك إلى غاية القرن العاشر هجري (السادس عشر ميلادي).