الجزائر

العملة الرديئة



القاعدة الاقتصادية التي تقول: العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق، هي قاعدة تنطبق تماما على الساحة السياسية. فالعملة الرديئة التي احتلت الساحة السياسية صارت مشكلة أمام أي محاولة إصلاح، لأن هذه الرداءة استحكمت بشكل إرادي من أصحاب السلطة. إنها نظام يعيد إنتاج نفسه. والمشكلة في هذا النظام أنه يطرد ''العملة الأخرى'' لأسباب متعددة. أولها يعكسها المثل الشعبي القائل: ''اللي يخلط روحو مع النخالة ينقبوه الدجاج''. ولهذا الكثير ينأى بنفسه عن هذه النخالة. ثانيا لا يمكن التعايش مع الرداءة لأنها طاردة وتعتبر أي مستقيم وكفء خطرا عليها. هذه العملة الرديئة الطاغية في الساحة لا تتقن أي شيء ولا حتى إنتاج خطاب سياسي مقبول. لا تعرف أي لغة ولا علاقة لها بالسياسة في معناها السامي. إنها تعتبر السياسة طريقا للتسيد على الناس وطريقا للثـراء وطريقا للتمكن من مخالفة القانون من دون مساءلة أو عقاب. إنه مرض خطير بل مدمر. ألم يقل وزير العدل إنه لو طبق القانون فإن الحصانة سترفع عن أغلبية النواب؟ لكنه لم يقل لنا كم من وزير ينبغي أن ترفع عنه الحصانة أيضا. فالنظام عام، وإذا كان النائب يستطيع مخالفة القانون، فالوزير يمكنه أيضا. إن نظام الرداءة هذا يمكّن حتى من هم أقل من الوزير والنائب من مخالفة القانون والسطو على الأموال العامة بقدر ما يستطيعون، وما دام لا رقابة ناجعة قائمة، سواء السياسية منها أو القانونية، فمعنى ذلك أن السطو صار القاعدة، بل ويعتبرها الكثير من هذا القطيع المؤثث للساحة ''اقفازة'' والتعفف عن ذلك ''اجياحة''! ذلك هو منطق نظام الرداءة. لا يهم ما تقدم للناس أو للبلاد أو للدولة، المهم هو ما تتمكن من السطو عليه من نفوذ ومن ثـروة. إن السؤال الذي يطرحه البعض: ألا يوجد من يستطيع غسل البلاد من هذه الرداءة؟ الجواب واضح: نظام الرداءة طارد ولا يستقطب إلا من يخدمه ويحميه، لذلك فهو غير قابل للإصلاح أبدا أبدا.   mostafahemissi@hotmail.com


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)