لم تتعامل العائلات الجزائرية مع خادمات البيوت كنوع من المهن الرسمية، ولم ينظر إلى هذا النشاط بنظرة دونية من ذات الناحية كذلك. لكن التغير الاقتصادي الذي يعيشه المجتمع اليوم جعل من ”العمالة المنزلية” ذات نصيب متقدم في الوعي الاجتماعي، ويبقى هذا في ظل غياب تأطير قانوني يحمي أصحاب المهنة ومعتمديها.إعلانات على صفحات الجرائد للبحث عن خادمات للبيوت أو العكس، طلبات وعروض كثيرة عبر العديد من المواقع الإلكترونية لاستقدام العمالة المنزلية، لتعطي في ذات الوقت مثل هذه العروض فرصة للإقبال نحو فرصة عمل تتلاءم والمستوى البسيط للكثير من الفتيات والنساء، كما أنها وظيفة لا تتطلب تكوينا خاصا، فهي مهنة كل امرأة في الأساس. وإن كان عدد محتشم من الأسر الجزائرية قد اعتمد خادمة للبيت من باب الثقة عن طريق الاستعانة بأحد القريبات، فإن الأمر يشمل من هن خارج نطاق القرابة اليوم، إذ ليس بالضرورة أن تكون من الأقارب والجيران. وإن كانت الظاهرة حديثة عندنا فهي ليست كذلك عند دول عربية خليجية ووسط شرقية، بل ويعتمدونها نوعا من النشاط في السوق المحلية، كما أن واحدة من الدول السالفة الذكر قد أعلنت السنة الفارطة وزارة العمل بها عن توسيع نطاق استقدام العمالة المنزلية، ذلك بفتح المجال أمام أربع دول أخرى منها إفريقية.اعتماد خادمة للبيت موجود عند أغلبية النساء الخليجيات حتى وإن كن ماكثات بالبيت، في حين أن أغلب النساء الجزائريات يعتمدن على مجهودهن الخاص في أشغال بيوتهن حتى وإن كن عاملات خارجها. لكن الظروف الحالية أوجبت استقدام شغالة مقابل مبلغ مالي زهيد، ليقوم عملهن في ظروف غامضة إلى حد ما، فلا مكتب وطني لتوظيف العمالة المنزلية بالجزائر ولا تأمين اجتماعي، بل إن القانون يشوبه فراغ في هذا الشأن، فحتى الدول التي حققت فيها هذه المهنة تقدما، إلا أن واقع ممتهنيها ”مؤسف” ومتراجع من الناحية الإنسانية، حيث كتبت ”روثنا بيجوم” باحثة لدى المنظمة في مجال حقوق النساء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن بعضا من الخادمات أبلغن المنظمة أن مخدوميهم يتكلمون معهن أو يعاملوهن على أساس أنهم يمتلكون شيئا.ولا تخلو البيوت الجزائرية من حالات التحرش بالخادمات، غير أنه لا توجد أي أرقام أو أحصائيات أو حتى شكاوى على مستوى المحاكم فأغلب الضحايا يتكتمن عن الأمر نتيجة الخوف. الطفلة (ز. 14 سنة) لم تسلم من التحرش الجنسي من قبل شاب في الثلاثينات من العمر، وذلك بعد أن اشتغلت في بيت عائلته التي تتكون من الأب والأم والشاب، حيث أن الأم مريضة وتعجز عن أداء الأشغال المنزلية، وهي في ذات الوقت ذات مستوى مادي يساعدها على اعتماد خادمة في البيت، نظرا للأثاث الفاخر المتوفر بجميع أركان البيت وافراطها في النظافة، كما أن السيدة كانت بحاجة لمن يساعدها فترة ذهابها إلى المسجد بحمل بعض من مستلزماتها. وهكذا ظنت الفتاة أنها نالت على مصدر مالي شهري مهما كان زهيدا باعتبار أنها من عائلة فقيرة، ما حرمها من إكمال الدراسة لعدم تمكنها من ضمان النفقات المدرسية. لتتفاجأ (ز) بعد أيام قلائل من مزاولتها للعمالة المنزلية من تقرب ابن العائلة الوحيد منها وهي تنظف الأرض، وتتكرر العملية مدة من الزمن، لغاية أن نفد صبر ”الخدّامة ”خوفا على شرفها، ما جعلها تترك البيت وتبحث عن مصدر رزق آخر.شكاوى العمالة المنزلية قليلة والقانون الجزائري لم يؤطر المهنةفي هذا السياق، كشفت الأستاذة رقية مسعودي محامية لدى المجلس، أن شكاوى العمالة المنزلية بالجزائر وصلت المحاكم، لكن بنسبة قليلة، والأمر راجع لكون ممارسي هذا لنشاط لا يستندون لقانون خاص بهم، كما أن جميع التجاوزات التي تحصل في حقهم لن تحقق لهم مكسبا قانونيا إلا بتوفر البراهين، ففي حالة التحرش الجنسي مثلا تستدعي القضية توفر شهود على حالة التحرش أو الاغتصاب كذلك، نفس الأمر بالنسبة لباقي المشاكل التي قد تعيشها العاملة أو العامل في منزل عائلة، فبعضهم يتعرض للسب والشتم وغيرها من الإهانات النفسية، لكن تبقى كثير من هذه الحالات داخل أسوار المنازل، لكن يضطر البعض من ممتهني العمالة المنزلية إلى تغيير الوجهة في العمل أو تحمل مشقته، خصوصا عند الطبقات التي تملك نفوذا معنويا وماديا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 29/03/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الفجر
المصدر : www.al-fadjr.com