العربي بن بلقاسم التبسي أحد روّاد الإصلاح في الجزائر، ولد عام 1891 بدوار "السطح" من عرش النمامشة بولاية تبسة، ينحدر من عائلة فلاحية، فقيرة كان والده إلى جانب مهنة الفلاحة، يتولى تحفيظ القران الكريم لصغار القرية، حيث تتلمذ على يد والده الذي توفي وابنه في الثامنة من العمر، فانتقل الطفل "العربي" إلى إحدى زوايا المنطقة في مدينة (خنقة سيدي ناجي)، أين أمضى ثلاث سنوات أتم خلالها حفظ القرآن، ثم التحق بزواية الشيخ مصطفى بن عزوز في مدينة نفطة جنوب تونس.التحق العربي التبسي بعد ذلك بجامع الزيتونة عام 1915، وهناك وجد ضالته في العلوم والمعارف، حيث تحصّل على الشهادة الأهلية، وفي أواخر سنة 1919، انتقل إلى القاهرة والتحق بالأزهر الشريف حيث تابع دراسته العليا على أيدي كبار العلماء إلى أن تحصّل على شهادة العالمية.وفي عام 1927 عاد الشيخ العربي إلى الجزائر لمشاركة رجالها الناشطين العاملين في المجال الإصلاحي ومنهم عبد الحميد بن باديس، البشير الابراهيمي، الطيب العقبي ومبارك الميلي، وذلك بعد أن أمضى سبع سنوات بمصر لم يتوقف خلالها عن متابعة أخبار وطنه. وبعد عودته استقر في مدينة تبسة، حيث شرع في تقديم الدروس والمحاضرات التي تحذّرهم من خطورة المستعمر على الوطن واللغة والدين، كما حارب الأفكار الطرقية المنحرفة.لكن الإدارة الاستعمارية تدخّلت بواسطة عملائها لمنعه من التدريس بمسجد المدينة، فنصحه الإمام ابن باديس بالانتقال إلى مدينة "سيق" بمعسكر، أين أمضى بها مدة عامين من أواخر عام 1929 إلى 1931 تمكّن أثناءها من نشر الدعوة الإصلاحية، وفي عام 1932 عاد إلى تبسة وأنشأ جمعية تهذيب البنين والبنات، كما أسّس نادي الشبان المسلمين.عين عضوا في مجلس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ثم كاتبا عاما لها، وفي العام الذي توفي فيه ابن باديس 1940 أصبح العربي التبسي نائبا لرئيسها الجديد الشيخ البشير الإبراهيمي، وفي الوقت ذاته ظل مديرا لمدرسة التهذيب بتبسة. ألقى الدرك الفرنسي القبض عليه وهو بمدينة الشريعة بتبسة بعد أن قدّم درسا لعامة الناس، ثم أطلق سراحه بعد أن تلقى أبشع أنواع الاهانة والسجن لمدة ستة أشهر في سجن لامبيز بباتنة وسجن الكدية بقسنطينة.وفي عام 1945 اتّهم بتشجيع مظاهرات الثامن ماي فألقي عليه القبض ثانية إلى جانب الشيخ الإبراهيمي وأدخل السجن، ولما أطلق سراحه عام 1946 فرضت عليه الإقامة الجبرية، وناب عن الإبراهيمي رئاسة الجمعية إلى جانب إدارته معهد عبد الحميد بن باديس الذي أسّسته الجمعية سنة 1947 بقسنطينة، وعندما اندلعت الثورة التحريرية المباركة سخّر العربي التبسي نفسه لخدمتها، ولما أغلق المستعمر الفرنسي المعهد الباديسي استقر الشهيد في الجزائر العاصمة، وبالضبط في حي بلكور بإحدى مدارس الجمعية التي واصل فيها إلقاء دروسه، وأثناءها كان يحثّ على الثورة ضد المحتل دون خوف أو تردد.تعرّض العربي التبسي إلى تعذيب شديد على يد الاستعمار ليلة اختطافه من منزله في الرابع من أفريل 1957، بعد أن اقتحمت بيته عناصر المنظمة الإرهابية "اليد الحمراء"، وأخرجته بكل قسوة ووحشية بعد أن بعثرت كتبه ولم ترحم شيخوخته ولا حالته الصحية، فاغتالوه وأخفوا جثته التي لا يعرف مكانها لحد اليوم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/04/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الشعب
المصدر : www.ech-chaab.net