ضاعت هوية المرأة في زخم عروض الأزياء الأجنبية وآخر صرعات الموضة، بعدما اعتنقت الفتيات والنساء في لباسها تشكيلة من الحضارات من كل حدب وصوب، وفي محاولتها للحاق بركب الحضارة قضت المرأة الجزائرية عن كل ما ينسبها للتراث والثقافة الجزائرية.
تتنوع الأشكال والطلات التي تظهر بها النساء الجزائريات فالملاحظ للمشهد اليومي لهن يجد اللباس المغربي، التركي، الأمريكي وحتى الخليجي بعدما أصبحت الكثير من النساء تتباهى بشراء ولبس الملابس المستوردة، لأن ذلك يمثل في نظرهن التطور والتحضر ويغيب عن ذهن هذه النوعية من النساء أن منتجات الموضة الغربية لها علاقة وطيدة بالبيئة التي أنتجتها، حيث تأتينا محملة بفلسفات غربية عن منهجنا في الحياة وبتصور للحياة مخالف عن تصورنا لها، ليجد المتتبع لهن نفسه حائرا متسائلا عن ملامح المرأة الجزائرية.
فتيات يعتززن بثقافة غيرهن في اللباس
تمادت الجزائريات في التشبه بالنساء من مختلف أقطار العالم، وذلك باقتباس ألبسة ممثلة لثقافات وحضارات غريبة عن المجتمع الجزائري، ومن يبحث عن الاستفسار حول الموضوع يجد نفسه مضطرا لسماع محاضرات حول التحضر، الموضة ومواكبة التطور في العالم هو ما استسغناه من خلال حديثنا عن الموضوع، إلى البعض من الفتيات والسيدات على غرار عائشة عاملة بأحد المحلات والتي كانت ترتدي عباءة خليجية سألناها عما يعنيه اللباس الجزائري بالنسبة لها فقالت “المهم أن أواكب الموضة، فالعباءة لباس جميل انتشر بكثرة في الوطن العربي كما أن تراثنا في اللباس لا يتضمن ما يمكن أن نرتديه يوميا، خاصة بالنسبة لنا نحن المحجبات”.
لم تختلف معها كثيرا الطالبة الجامعية أنيسة التي كانت ترتدي “جلابة” مغربية بكل فخر واعتزاز والتي أبدت حبها لهذا اللباس، وعن حظ التراث الجزائري من هندامها تقول أنيسة “مازلنا نحافظ على تراثنا من خلال بدلات التصديرة التي لا تستغن عنها أيه جزائرية في حفل زفافها”.
نساء يتحسرن على زمن “الحايك” و”القندورة”
تأسفت الكثير من السيدات من الجيل القديم لاندثار لباس المرأة الجزائرية الأصيلة، فالسيدة زبيدة من العاصمة تحدثت عن “حايك المرمة” الذي كان من أهم معالم التراث الجزائري ورمز الجزائرية الذي تعرف به بين مختلف بلدان العالم، والذي أصبحت تكتفي بارتدائه في عروض الأزياء التقليدية فحسب، وتقول محدثتنا في السياق “قديما كان اللحاف الأبيض ميزة لا تفارق نسوة العاصمة ارتبط مع العجار الذي كانت المرأة الجزائرية تغطي به وجهها طلبا للسترة، غير أنه بدأ يفقد رونقه وأصالته بعد الاستقلال بعدما اعتبره البعض مصدرا للتخلف أو لباسا تراثيا”.
كما أضافت السيدة سعدية في نفس السياق “صورة الفتيات في أي شارع جزائري لا تمد لأي صلة بتراثها، وتشبه الدول العربية الأجنبية الأخرى”، موضحة أن نفس الشيء يحدث بالنسبة للجبة التي أصبحت فتيات اليوم تتهرب من لباسها وتتركها فقط من أجل أداء الأعمال المنزلية.
علم الاجتماع “لباس المرأة الجزائرية يكرس الغزو الثقافي”
أرجعت الأخصائية الاجتماعية تيجاني ثريا التشوهات التي عرفها لباس المرأة الجزائرية إلى الغزو الثقافي الذي تتعرض إليه الجزائريات من خلال القنوات الفضائية العربية والأجنبية، التي غذت رغبة الكثيرات في التميز، واستفزت رغبتهن في الحصول على شكل جديد ومختلفة، مضيفة أن هذه الظاهرة لم تعد مقتصرة على فئة معينة فقط بل طالت مختلف النساء والفتيات العاملات والماكثات بالبيت، معتبرة ذلك أكبر مظاهر الغزو الثقافي الذي تعرفه بلادنا في الفترة الأخيرة، وبعد تفتح المجتمع على مختلف ثقافات العالم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/07/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : فيروز دباري
المصدر : www.al-fadjr.com