تحولت الدوحة عاصمة دولة قطر، خلال الأيام العشرة الأخيرة، إلى مزار يؤمّه الناس من مختلف بقاع العالم، في موزاييك ثقافي، امتزجت فيه رغبة الناس في اكتشاف البلد الفائز
باحتضان كأس العالم 2022، بالهروب إلى كورنيش الدوحة، لتأمل كيف لدولة قطر أن حققت إنجازات ضخمة في ظرف وجيز.
أرّخت الدوحة لحدث سنوي شرع في الاحتفال بفعالياته العام الماضي، واكتسى، هذا العام، طابعا جد خاص، لأن الزائرين أرادوا معرفة مكان تشييد كأس العالم ، أو بالأحرى المجسم الذي وضع بالشاطئ الشرقي من مؤسسة الحي الثقافي (كتارا)، بمجرد ما فتح رئيس الفيفا ، جوزيف بلاتير، الورقة المفاجأة التي منحت قطر شرف تنظيم موعد .2022
على جنبات.. أمام ووراء ذلك المجسم الملون بالأصفر، المغروس على قاعدة من حزام أخضر، كانت معالم مهرجان قطر البحري تتراءى بمدلولات دولة، مواطنوها يعشقون البحر ومكنوناته التي حاكت تراث البلد وثقافته وتعليمه وبيئته ورياضته ووعيه وترفيهه، فزاحمت مجسمات الحوت وحيوانات البحر الضخمة، مجسم كأس العالم ولسان حال المهرجان يقول لا نملك الحوت فقط، بل الرياضة والتراث أيضا .
رسالة قطرية
حضرت الخبر افتتاح النسخة الثانية من مهرجان قطر البحري بالدوحة، بحضور وزراء ودبلوماسيين وأعيان البلد.. كان الانطباع الأولي يملي إحساسا بأن المهرجان سينتهي عندما يسدل الستار على ذلك العرض الموسيقي الجميل الذي أخرجه الفنان الإيطالي الشهير غينولاندي تحت عنوان أسرار البحر . غير أنه وبانتهاء العرض، يجد الواحد نفسه تائها بين أروقة، يحاكيك فيها تاريخ البلد، ماضيه وحاضره ومستقبله. وفي العرض ملامسة لتقاليد قديمة، أخذت في التطور مع تطور المواطن والدولة، وصولا إلى البترول والغاز والتكنولوجيا. وقد شارك فيه 100 عازف أوركسترا و300 عارض وموظف، على نسمات باردة، مساء، ليبعثوا برسالة قطرية إلى العالم مفادها أن ما تحقق لديها ليس وليد المفاجأة أو الصدفة..
عشرة أيام من الحراك الثقافي في الدوحة، لبى فيها الزائرون دعوة الشيخة هنادي بنت ناصر آل الثاني، رئيسة اللجنة المنظمة لمهرجان قطر، إلى الحضور للاحتفال بقطر وتاريخها، قائلة لدى افتتاحها المهرجان إنه يجمعنا معا للاحتفال بروح الإلهام الذي يبعثها فينا جمال وسحر البحر الذي امتزج بتراثنا على مدى أجيال . وقد تجاوز الفضول مجرد المشاهدة، حيث يبقى الزائرون إلى ساعة متأخرة من الليل لملامسة أحواض السمك التي تجاوز عددها المائة والمصممة بطريقة إبداعية غير عادية، تعرض أنواعا مختلفة من الكائنات البحرية، يرى القطريون أنها جزء من تراثهم.
سر نجاح
واجتمع الجزائريون والسودانيون والإماراتيون والسعوديون والمصريون واللبنانيون وغيرهم من جنسيات مختلفة، للاحتفال مع القطريين، في رحلة عبر الزمن أنستهم حديثهم الأول الذي بدأوه قبل دخول ساحة المهرجان، والمتعلق بالثورات في البلاد العربية، حينما كان الواحد يسأل الآخر عن الوضع في بلاده. لكن حاضر بلاد قطر دفع الجميع إلى الحديث عن كيف لقطر أن حققت إنجازات كبيرة وأصبحت مزار الجميع ، حتى أن تذاكر العرض الافتتاحي نفدت، ومعها تعالت دعاوى زيارة المهرجان الذي رغم أنه سوف يعاد العام المقبل، إلا أن الانتظار عاما كاملا، كثير على من يهوى الاستمتاع بزفاف البحر ومكنوناته في قطر مع ماضي وحاضر ومستقبل البلد.
وكان الساحل الشرقي كاتارا خلال العشرة أيام الأخيرة فرجة للزائرين الذين رأوا على اليابسة ما يخفيه قاع البحر من حيوانات بحرية، بإشكال وألوان وأسماء مختلفة، شكلت مزارا لتلاميذ المدارس كذلك، التحقوا بها من كل الجهات للمشاركة في ورش عمل علمية في: عالم بحور و بحارنا و المكتبة البحرية ، إلى جانب الكرنفال البحري.
سماء اصطناعية
ماضي قطر وجد كذلك في متحف الفن الإسلامي بالدوحة، الذي اختار لبنائه مكان يحاكي الشاطئ بشكل يوحي للوهلة الأولى بأنه متحرك فوق الماء، وهو هيكل كبير جدا يحتوى على قطع أثرية من تراث عديد الدول، موضوعة داخل أقفاص زجاجية ومدعومة بحراسة من قبل أعوان الأمن.
وفي سوق واقف غير بعيد عن المتحف، كانت مظاهر التراث ماثلة في بعض المحلات، وهي تؤرخ لمرحلة سابقة عاشتها العائلة القطرية والخليجية عموما، حياة من البداوة تمظهرت من خلال لوازم الإبل والأثاث القديم، وهي تحف، إذا حملتها وتأملت سقف السوق لا تصدق ذلك المنظر لسماء اصطناعية بسحبها البيضاء والرمادية تسير فوق رؤوس الناس وكأنها سحب حقيقية. هي الصورة التي لم تبرح أذهاننا ونحن نعود إلى الجزائر.. لذلك كان يجب أن نعرف لماذا أمكن لقطر أن تفوز باستضافة كأس العالم .2022
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/03/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الدوحة: مبعوث '' الخبر'' محمد شراق
المصدر : www.elkhabar.com