الجزائر

الضواحي ، تهميش ، بطالة ، راديكالية فارهاب



الضواحي ، تهميش ، بطالة ، راديكالية فارهاب
تتخبط فرنسا بمختلف حكوماتها اليمينية واليسارية في مشكلة داخلية عويصة أسمها - الضواحي- و هي المشكلة التي يتبيّن من سنة إلى أخرى أنها المعادلة الصعبة في حسابات ماتينيون ، و التي أفضت مما لا يدع مجالا للشك إلى نشأة ظواهر اجتماعية عديدة من الجريمة بشتى أنواعها إلى الارهاب الذي لم يعد يهدد أو يضرب مصالح فرنسا في الخارج بل وجد قاعدته الخلفية في هذه الضواحي فترعرع و كبر و ترجل و تأبط أسلحة فتّاكة و ضرب في عقر الدار ، في العاصمة باريس ، واحدة من بين ثلاث أكبر عواصم مؤّمّنة في العالم إضافة إلى لندن و واشنطن .و العلامة الفارقة في ضربات باريس الأخيرة أنّ موقعيها فرنسيون بامتياز – أو على الأقل أوربيون عندما نضيف إليهم الدمويين البلجيكيين القادمين من بلدية مولانبيك في ضواحي بروكسل –و بالتالي لم نعد نسمع في وسائل الاعلام الفرنسية بكل توجهاتها جملة " منفذ العملية فرنسي من أصل مغربي أو تونسي أو جزائري "و بالتالي فهؤلاء الارهابيون نتاج المجتمع و المدرسة الفرنسيين و منهم مَن لم تطأ قدماه الموطن الأصلي لآبائه مطلقا و منهم أيضا مَن ولد آباؤه في فرنسا و صاروا من الجيل الرابع و الخامس ,ترى لماذا ينقلب أولئك الأبناء على فرنسا الأم ؟ لماذا يبحثون عن تحقيق ذواتهم في غير الثقافة الفرنسية أو الحضارة الأوربية بشكل عام مع أن هذه الأرض هي الموطن الأصلي لهم ؟ و لماذا عندما يثور أولئك يسقطون في الراديكالية و يصلون إلى تفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة ، و هي سابقة في تاريخ فرنسا و أوربا ؟ هل هم فعلا متشبتون ب " الجهاد " كعقيدة لديهم أم طغى عليهم الحقد على فرنسا و كراهيتها ؟أبارتيد فرنسي في الهوامش بعد عشر سنوات عن أزمة الضواحي في 2005 و التي تصدى لها وزير الداخلية آنذاك نيكولا ساركوزي في حكومة دومينيك دو فيلبان بكثير من الحزم عادت من خلال هجمات باريس لتشكل العنصر الأثقل في سلسلة العناصر التي أوصلت فرنسا إلى هذا المآل و عبث الارهابيين بأمن الفرنسيين في قلب البلاد . وليست المرة الأولى التي يتم تسليط الضوء على الضواحي من طرف الاعلام و السياسة ، و لئن كان السبب الأول انتخابي متعلق بوعود تقطع و لا تنفذ فاليوم الأمر يتعلق ببؤرة سوداء على خارطة الديمغرافيا في فرنسا فسكان هذه الضواحي يعانون من جوانب مختلفة بسبب سياسة التهميش التي تطالهم باعتبار الغالبية العظمى من السكان ينحدرون من الهجرة و رغم مرور عديد السنوات و انتماء 90 بالمائة من الشباب إلى فرنسا برابطة الأرض باعتبارهم مولودين على الأراضي الفرنسية و يشكلون جيلها الرابع و الخامس ففرصهم في العمل و السكن و الادماج الاجتماعي متباينة .و رغم تفطن الحكومات بعد أزمة 2005 و تسليط الضوء على هذا الجزء المهم في الأمن لفرنسا فإن ما حدث في باريس في 13 نوفمبر و ما تلاه من هجمات في سنت سان دونيي يوحي أن التئام الجرح لا يزال في حاجة إلى وصفة سحرية لا ندري إذا كانت متوفرة في صيدلية الاشتراكيين الحاكمين حاليا كما لم تكن متوفرة لدى اليمينيين الذين سبقوهم في ظرف يعرف فيه الاقتصاد الفرنسي عديد المشاكل . لقد طالت البطالة خُمس سكان الضواحي في 2005 و صارت 23 بالمائة في 2013 كما أنّ ثلث الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة بطالون و تدحرجت البطالة اليوم إلى 40 في المائة ، و تفاقم الفقر لدى ثلث السكان مع أنّ الدولة قد وخصصت بعد أحداث شاغلى أبدو 60 مليون أورو( أي في ظرف أقل من سنة ) حسب وكالة وطنية لتنمية الضواحي .والأرقام التي أعلنت عنها وزارة الداخلية الفرنسية ، هي خير دليل عن سبب قيام الحكومة الفرنسية بتخصيص مبالغ طائلة لمحاربة النزعة الراديكالية عند أبنائها خاصة عندما يقول مانويل فالس فالس: ثمة 1300 شخص معنيّ بهذه التيارات الجهادية و 500 يتواجدون اليوم في سوريا والعراق في حين يقول مجلس الشيوخ أإن عددهم أكثر من 1430من بين 5 آلاف أوربي و تراقب مصالح الأمن 1570 مشتبه . و لا يخفي كثير من المحللين أن سقوط الشباب الفرنسي في الراديكالية سببه الخطاب الحزبي العنصري الذي يستثني الأصول العربية و الحملة غير المسبوقة على الاسلام و التضييق على المسلمين .و فشل حملات السلطة المناهضة للتطرف بسبب استياء الشباب الساخط المنتمى للمجتمع المسلم الذى يتعرض للتمييز ضده فى التعليم والتوظيف و الإسكان ، والذى أججته بعض الإجراءات الرمزية التى اتخذها فرنسا العلمانية واعتقدوا أنها ضد الإسلام ، كحظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة ، والذى أصدرته السلطات عام 2010. و بالتالي يجمع أيضا الكثير من الشخصيات السياسية و الحزبية و الثقافية أن المشكل اليوم في فرنسا صار مشكل عدم التواصل بين حضارات و ثقافات تقول فرنسا الرسمية أنها تصنع تنوعها و اختلافها ، لكن لا تأخذها في الحسبان عند تطبيق التنمية .الجيل المنسي




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)