الجزائر

الصلاة على النبي



لقد وصلتني بعض الردود من أصدقائي الذين لا أشك في إخلاصهم وفي نصيحتهم، يطلبون مني التوقف عن الكتابة التي تجعل السلفيين والإسلاميين عموما هدفا لسهامي كما يصفون ذلك ويرون أنه كان من الأولى أن تكون هذه الحملات ضد العلمانيين واللائكيين من الذين يعادون الإسلام والفضيلة. والحق الذي يجب أن يقال هو أنني تساءلت معهم: هل الكتابة النقدية أضحت جريمة وهل إبداء الرأي الذي هو في كامل الاستعداد للرأي الآخر ليس من السلوك الحضاري الذي أقرته القيم العلمية والثقافية ما دام حق الرد والتعقيب مكفولا قانونا دون تحيز.إن الاشتباك بين الكتاب والعلماء لم يسلم منه أي عصر من العصور بما فيها خير القرون الإسلامية التي نتغنى بها ولم تسلم من ذلك حتى المنابر المسجدية بل وحتى الأحاديث النبوية لم تسلم من الجرح والتعديل بعدما دخل عليها الكذب والوضع، ومع ذلك بقيت هذه الأحاديث محل جدل في الفهم والتأويل وفي سندها ومتنها دون أن يستقر ويجتمع علماء الأمة على قرار واحد. وهكذا يبقى الأمر إلى يوم الدين. وأخطر ما وقعت عليه عيني هو ما جاء في كتاب الشيخ محمد العربي التباني "براءة الأشعريين..." والذي أهديت منه نسخة للشيخ فركوس حتى يبدي عليه ملاحظاته وانتقاداته إن وجد لذلك سبيلا، قلت يذكر الشيخ التباني أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب كان نهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويتأذى من سماعها، وينهى عن الإتيان بها ليلة الجمعة وعلى الجهر بها على المنابر ويؤذي من يفعل ذلك ويعاقبه أشد العقاب حتى أنه قتل رجلا أعمى كان مؤذنا صالحا ذا صوت حسن نهاه عن الصلاة على النبي (ص) في المنارة بعد الأذان فلم ينته فقتله. نعم دون رحمة أو شفقة في التعامل مع مؤذن ضرير لا يستطيع الدفاع عن نفسه وفوق منارة المسجد.
وهذه الرواية نقلها الشيخ التباني من مصادر متعددة منها "مصباح الأنام في جلاء الظلام في رد البدعي النجدي التي أضل بها العوام" للسيد علوي بن أحمد الحداد وغيره ثم أضاف بأن مقلدي الشيخ بن عبد الوهاب بقوا من بعده ينفذون رأيه ويقومون بإتلاف كتب الصلوات على النبي ورمي مؤلفيها بالزندقة والإلحاد وقارئيها بالشرك. وهذا الذي قامت به ونفذته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسعودية سنة 1376 ه في حملتها ضد صاحب "دلائل الخيرات" الشيخ محمد الجزولي الحسني الذي طعنوا في دينه ونسبه ومن أنه يهودي. وأمام هذه المعاملة القاسية يقول الشيخ التباني في حق هؤلاء: "ما أشد جهلهم وغلظتهم..."، إذن هل يستجيب الشيخ فركوس لدعوتي بالتعقيب على مؤلفات الشيخ التباني الجزائري الأشعري الذي يرى أن فرقته هي خارج مجموعة أهل السنة والجماعة أم أنه يؤثر التعالي عن ذلك بحجة أن ما أثرناه في هذه المساحة من "خروج عن النص" ما هو إلا لغو ومضيعة للوقت وتجن على السلف الصالح الذي ينزهه عن الخطإ ويجعله في مرتبة الأنبياء؟

أما زملائي فأقول لهم إن ما يعرضه إخواننا على الرأي العام أولى بالاشتغال به ليتبين الخطأ من الصواب، أما عن غيرهم ممن أشرتم إليهم من العلمانيين واللائكيين الذين يبدون العداوة لديننا وللمؤمنين فإن أمرهم مفضوح مصداقا لقوله تعالى: "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا". ولكن دون أن نكفر أحدا منهم ونرجئ أمره لله فهو أعدل الحاكمين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)