ما تزال الكتابات التاريخية حول منطقة الجنوب قليلة جدا ولم تعط لهذه المنطقة حقها في ذلك، بسبب قلة المؤرخين وكذا الظروف الطبيعية التي محت آثار المقاومة هناك التي كانت شاهدة على تضحيات سكان الطوارق، وزعماءها وعلى رأسهم الشيخ أمود بن المختار وإبراهيم أق بكدة، بحيث المسيرة النضالية لهذه الشخصيتين غير معروفة لدى النشء الصاعد، وعلى الباحثين استدراك ذلك باستنطاق الوثائق الموجودة واستغلال تقارير الضباط العسكريين الفرنسيين التي نشرت في مجلدات، هذا ما نبّه له عبد المجيد شيخي المدير العام للمركز الوطني للأرشيف لدى تنشيطه لندوة تاريخية بالمدرسة العسكرية الأسبوع المنصرم.قال عبد الله إمنان حفيد الشيخ أمود، في تصريح ل«الشعب” أن القليل من يعرف مقاومة جده الباسل، خاصة من طرف وزارتي المجاهدين والثقافة، معتبرا الندوة التي نظمتها المدرسة العليا للعتاد المرحوم المجاهد بن المختار أمود الناحية العسكرية الأولى بالحراش، بالمبادرة الجيدة التي تعدّ فرصة لإبراز مقاومة سكان جانت وكل الجنوب الذين أغفلهم التاريخ والوزارة المعنية، أضاف يقول. ولد الشيخ أمود بن المختار سنة 1859، ينتمي إلى قبيلة إيمنان التي استوطنت منطقة جانت من الساقية الحمراء ووادي الذهب، وفي هذه المدينة الصحراوية حفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة العربية، استطاع الشيخ أمود أن يتزود بالعلم والمعرفة فقام بعدة رحلات علمية منها رحلته إلى مدينة تامنغاست وعين صالح، وهذا ما جعله محط أنظار سكان قبائل التوارق الذين إلتفوا من حوله عندما نادى إلى الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي في المنطقة.خاض الشيخ أمود ضد الاستعمار الفرنسي عدة معارك أهمها الهجوم على الحملة الاستطلاعية العسكرية بقيادة العقيد فلاترس والتي تمّ القضاء عليها بوادي تيت ترابين بتاريخ 16 فيفري 1881، وكان أهم نتائجها تعطيل تقدم الجيش الفرنسي في الصحراء لمدة عشرين سنة، كما شارك الفقيد في معركة تيت بالقرب من تامنغست في 7 ماي 1902 والتي انتهت بموافقة الأمينوكال موسى أق مستان على توقيع الصلح يوم 21 جانفي 1904، وكانت هذه الاتفاقية تقرّ باعتراف الأمينوكال موسى باحتلال الفرنسيين للصحراء والالتزام بعدم مهاجمتهم والعمل تحت سلطتهم.لكن الشيخ أمود رفض الإعتراف ببنود هذه الإتفاقية، أكد على عزمه مواصلة الجهاد ضد الفرنسيين فوقف في وجههم سنة 1908 عندما حاولوا الاستيلاء على مدينة جانت مسقط رأسه، وأرغمهم على التراجع إلى حين لكنهم أعادوا الكرة مرة فقاموا باحتلال جانت سنة 1909، تراجع الشيخ أمود إلى ليبيا وإلتحق بالسنوسيين سنة 1903، ليعود إلى الطاسيلي ويقود الجهاد مجددا ضد الإحتلال الفرنسي، فلجأ هذا الأخير إلى طرق عديدة لمحاولة إعادة الاستقرار والأمن بالصحراء دون جدوى فتقدمت بعرض للصلح إلى الشيخ أمود، لكنه رفض أي اتفاق مع العدو مفضلا مواصلته الكفاح إلى غاية سنة 1923.وتجدر الإشارة إلى أن المجاهد المرحوم خاض عدة معارك، أهمها معركة بئر الغرمة سنة 1881، معركة أتيت سنة 1909، عين اميجنين في 13 جوان 1906، إسيين في 13 أكتوبر 1915، معركة أسوالان في 8 أوت 1916، أسكاو سنة 1917، معركة تانزروفت سنة 1917، كانت سنة 1923 تاريخ نهاية مقاومة الشيخ أمود ضد الاحتلال الفرنسي ومغادرته التراب الجزائري إلى فزان بليبيا التي توفي بها سنة 1928.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/01/2017
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : سهام بوعموشة
المصدر : www.ech-chaab.net