الجزائر

الشعب.. هو السبب!!



 أنهت لجنة التحقيق البرلمانية في ندرة الزيت والسكر تحقيقها، وسلمت أوراق تقريرها إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني، باعتباره الجهة صاحبة التحقيق. وحسب ما تسرب من هذا التحقيق البرلماني، فإن النواب لم يسموا أي جهة بعينها على أنها المتسبب في الندرة، ولم يوجهوا، أيضا، أي أصابع للوم، حتى لا أقول الاتهام، لأي كان، وكأن الذي وقع من أحداث في جانفي الماضي هو قضاء وقدر، ولا راد له.
مثل هذه الاستنتاجات التي أريد أن تصل إليها لجنة التحقيق البرلمانية ليست مفاجئة، لأن البرلمان الذي لا يعترف بشرعيته حتى نوابه، ليس بوسعه الذهاب أبعد من طول الحبل المربوط به نوابه. لكن رغم معرفتنا بضعف البرلمان، وخوف نوابه من النار، لأن الكثير منهم في كرشهم التبن، إلا أنه مع ذلك كان بإمكان لجنة التحقيق ألا تفسر الماء بعد جهد بالماء، لكونها حققت في الزيت والسكر ليس إلا، فكيف كان سيكون حالها لو حققت في فساد سوناطراك، أو في صفقات الطريق السيار أو في العمولات والرشاوي التي جعلت الجزائر تصنف في ذيل الترتيب من طرف منظمة ''شفافية'' دولية؟ الأكيد أن تقريرها سيكون أكثـر تمييعا وتلوينا، ولا يختلف عن لون الأكسجين الذي لا طعم ولا لون ولا رائحة له، مقارنة بما جاء في تقرير التحقيق حول الزيت والسكر، بالرغم من أنه شتان بين أموال البترول والغاز، وبين الزيت والسكر.
ومع ذلك على الجزائريين أن يبتهجوا ببرلمانهم، ويرفعوا له التحية الكشفية بالمقلوب، لأنه كان بإمكان لجنة التحقيق البرلمانية أن تكتب في تقريرها بأن الشعب الجزائري هو السبب، لأنه لا يحسن استهلاك الزيت والسكر، ولا يعرف استعمالاتهما جيدا، وبالتالي فهو المتسبب في ارتفاع أسعارها. وكان بإمكان التحقيق أن يقول إن وجود 3 ملايين جزائري مصابين بمرض السكر، هو برهان قاطع على أسباب الندرة في سكر الغبرة.
وما دام التقرير لم يحمّل أي جهة المسؤولية، وخرجت الحكومة والبرلمان من القضية، مثلما تخرج الشعرة من العجين، فلم يبق هناك سوى الشعب المسؤول عن كل ''المصائب'' التي تحصل في البلد، ومن ثم يتعين ترحيله عبر قوارب الحرافة إلى حيث لا رجعة، لأن المشكلة على ما يبدو هي في الشعب، وليست في مسؤوليه الملائكة، مثلما يحاول أن يقنعنا به التحقيق البرلماني. فيا ناس قليل من ''السريو'' من فضلكم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)