الجزائر

السينما.. «الساتيام ع - آ - ر»



لا يزال الحديث عن الوضعية الكارثية التي تعاني منها قاعات السينما بوهران، يثير الحسرة والغضب والاشمئزاز، فهذه المعالم الثقافية التي يعود تاريخها إلى عهد الاستعمار، تتآكل وتتهاوي يوما بعد يوم، أمام أعين المسؤولين المحليين منذ سنوات بل عقود عدة ... الذين يواصلون الالتزام بالصمت وغض النظر واللامبالاة إزاء هذه التحف المعمارية، الآيلة للسقوط في أي لحظة، وكما يعلم العام والخاص، فإن عددا كبيرا منها تحول إلى وكر للمنحرفين ومرتع للجرذان ومفرغة للقاذورات، وهي اليوم تشكل نقطة سوداء في النسيج العمراني، وتشوه المنظر العام للمدينة، أما البعض الآخر، فقد استغل في التجارة الفوضوية، والبقية أوصدت أبوابها ولم تقو على الصمود، في حين فإن القلة القليلة جدا تزاول نشاطها الطبيعي، وتصارع الزمن والإهمال والتهميش من أجل البقاء... فهل من منقذ لهذه الوضعية المأساوية التي طال أمدها ؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك ؟تعود ملكية كل قاعات السينما المنتشرة عبر ربوع مدينة وهران في الأصل، إلى بلدية وهران، التي أوجدت في وقت سابق، صيغا لتسيير العدد الهائل لقاعات السينما التي كانت تتوفر عليها وهران غداة الاستقلال، كان يقارب ال 50 قاعة، من خلال منح عقود الاستغلال إلى مسيرين خواص، لم يكن هؤلاء يعلمون أن الإقدام على هذه الخطوة بالذات، كان بمثابة الترخيص لتدمير والقضاء على هذه القاعات بدل الحفاظ عليها، ولكم أن تتخيلوا حجم الخسائر عندما تسند المسؤولية لغير أهلها، فما بالك بالغرباء عن الثقافة ومَنْ ليس لديهم أي اهتمام بالفن السابع، من مسؤولين ومستثمرين على حد سواء، الذين عبثوا بهذا الإرث الثقافي الثمين، حيث حولت معظم هذه القاعات بموجب قرارات غير مدروسة، بل وعشوائية وارتجالية، عن مسارها وأصبحت بذلك فضاءات مفتوحة لمزاولة أي نشاط فوضوي، حتى لبيع الماء "الحلو" !! كما هو الحال عليه بالقاعة الكائنة ب "سان توجان"، والأمثلة كثيرة..
من المسؤول عن تهاوي القاعات ؟
أكد مصدر من بلدية وهران، رفض الكشف عن اسمه، أن ملف قاعات السينما بوهران، الذي وصفه بالمتشعب والمعقد، لا يحمل أي جديد في الوقت الحالي، وهو بحاجة أكثر إلى قرارات سياسية من قبل المجلس المنتخب، الكفيلة بنفض الغبار عن هذا الملف الأزلي ... مشيرا في هذا السياق، أن الرغبة موجودة لإنقاذ ما أمكن إنقاذه من هذه القاعات المهملة، من خلال بعض المحاولات والمساعي، لاسترجاع عقار القاعات التي تعرضت للانهيار وتحولت إلى ركام وأطلال يقول المتحدث، حيث تم إحصاء 4 قاعات إثر معاينة ميدانية، المعنية مبدئيا بهذه العملية، في حين فإن أشغال الترميم لا تزال متواصلة بقاعة " مرحبا " الكائنة بشارع الأمير عبد القادر، التي تجاوزت نسبتها ال 70 بالمائة، ومن المنتظر أن تكون جاهزة للاستلام مع نهاية السنة، وسيكون هذا الفضاء الثقافي الجديد الذي ستتدعم به وهران في المستقبل القريب، متعدد النشاطات، السينما و كذا مختلف العروض الخاصة بالأطفال، و المقاهي الأدبية والمسرحية.
من جهة أخرى كشف نفس المصدر، أن حال انتهاء أشغال الترميم بقاعة " مرحبا"، وتسلم هذا الفضاء الثقافي، سيتم الالتفات إلى قاعة الفتح هذه المرة، التي ستستفيد هي الأخرى من مشروع الترميم مستقبلا، علما أنها كانت مدرجة ضمن برنامج خاص بترميم الفضاءات الثقافية ما بين 2006 و2007 المدعم من وزارة الداخلية آنذاك، إلا أن المشروع توقف رغم الإعلان عن المناقصة واختيار المؤسسة الفائزة بمشروع الترميم هذا، في حين أن قاعتي " السعادة " و المغرب، تم إسناد مهمة تسييرهما إلى الديوان الوطني للثقافة والإعلام، بموجب اتفاق أبرم ما بين بلدية وهران و الديوان الوطني للثقافة و الإعلام، وهي اليوم تحتضن عروض الأفلام السينمائية الخاصة بالكبار والصغار، و أيضا العروض المسرحية و الحفلات الفنية، من خلال برامج تسطر على مدار السنة، فضلا عن احتضانها لفعاليات مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي.
«فاميليا» .. أول قاعة سينما في إفريقيا
من بين القاعات التي فضلت الصمود أيضا، رغم صعوبة الظروف، نجد قاعة "مرجاجو" أو "بالزاك" سابقا، التي تعرض على مدار السنة أحدث الأفلام السينمائية التحريكية، وكذا الأفلام العالمية الموجهة للكبار، يأتي هذا في غياب تام لمقاييس العرض، المتعارف عليها في دور السينما، لكن الأهم في كل هذا، هو أنها حافظت على نشاطها الطبيعي وطابعها الثقافي، علما أن العاملين بهذه القاعة، كشفوا أن مسيرها سيباشر أشغال الترميم في غضون الأيام القليلة المقبلة، نفس الشيء بالنسبة لقاعة "الهقار"، التي صرح مسيرها أن جده استأجرها من بلدية وهران منذ عدة عقود، ثم سلمها إلى والده الذي منحها له منذ حوالي 11 سنة، حيث تعمل هذه القاعة على عرض الأفلام الأمريكية القديمة والجديدة عن طريق "دي في دي"، خاصة أفلام الرعب والخيال و الخيال العلمي خلال الظهيرة فقط.
أما قاعة "راكس"، لم تعد ملكا للبلدية وهي اليوم تابعة لأحد الخواص، في حين فإن قاعة سينما "لانكس" تهاوت، ولقيت قاعة "فاميليا" الكائنة بحي سيدي الهواري العتيد، التي كانت متخصصة في عرض الأفلام الهندية سنوات الستينيات و السبعينيات، مصيرا مأساويا بعدما تهاوت بالكامل وتحولت إلى مجرد أطلال، لم يبق منها إلا جدار واجهتها المتآكل، شاهدا على أول قاعة سينما شيدت في إفريقيا !! هكذا هو مصير المعالم الثقافية عندنا..
.. دون أن ننسى طبعا قاعة « الموقادور « ، وقاعة سينما « أولمبيا « بحي سانت أوجان ، « إيلدورادو» بشارع تلمسان، قاعة « الماجيك» ، « المونديال « ، سينما « البلازا « وقاعة « فيكتوريا « وغيرها من القاعات التي أصبحت من الأطلال رغم قيمتها التاريخية والفنية .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)