أكدت منظمة الصحة العالمية في تقريرها أن حوالي 1500 شخص يموتون سنويا في الجزائر بسبب التدخين، كما أن أغلبهم من المراهقين والأطفال كما أن عددهم في تزايد مستمر أمام غياب الرقابة الأسرية عليهم. يجد شباب اليوم في إستهلاك السجائر نوعا من الرجولة بينما ترى بنات حواء أنها ضربا من الموضة، وبالرغم من المخاطر الصحية الناجمة عن الإدمان والتي تصل إلى حد الإصابة بالسرطان إلا نسبة المدخنين قد عرفت إرتفاعا بين كافة الفئات العمرية أمام غياب الوعي لدى مختلف الفئات، والغريب أن الإدمان بكافة أنواعه لم يعد مقتصرا على الذكور بل أصبح برستيج تتمسك به صاحبات الأيادي الناعمة، وما زاد الطين بلة أن أطفالا في عمر الزهور باتوا من بين المدمنين على إستهلاكها. في المقابل فإن الدراسات قد أثبتت أن أغلب الجرائم التي تتسبب في تدمير تماسك المجتمع يرتكبها المدمنون في غير وعيهم. إقبال الأطفال على إستهلاك السجائر يرى شباب اليوم أن إستهلاكهم للسيجارة سيخرجهم من مرحلة الطفولة إلى الرجولة، وقد أثبتت الدراسات أن سن بداية التدخين بات يشمل أطفالا لم يتجاوز سنهم العاشرة، وقد أشاروا إلى أن الأمر لا يقتصر على الذكور وإنما بات يشمل الفتيات، وخلال جولة إستطلاعية قادتناإلى شوارع العاصمة لاحظنا أن أغلب من يحملون السيجارة هم قصّر لا تتجاوز أعمارهم ال17، والغريب أننا علمنا بعد حديثنا معهم أن والديهم على علم باستهلاكهم لها، في حين أخبرنا أخرون أنهم يتقاضون مصروفهم من والديهم كونهم يفضلون السير على خطاهم أو تقليد عاداتهم. إنتقلنا للمحلات التجارية فلاحظنا أن أصحابها لا يجدون أي مانع في بيع علب السجائر للأطفال بل بات همهم الوحيد تحقيق الربح، وهو ما زاد من تفاقم الظاهرة خاصة أننا لاحظنا أن أغلب الزبائن المقبلين على شرائها هم من فئة الأطفال والمراهقين مع زيادة إقبالهم على ماركات السجائر العالمية التي تباع بأسعار مرتفعة، والغريب أنه يكتب عليها «التدخين مضر بالصحة»، لكن هذا لم يمنع زبائنها من التوقف على إستهلاكها. وبالأحياء الشعبية تعرف ظاهرة إستهلاك الأطفال للسجائر إنتشارا كبيرا، وكثير ما يصادفك مشهد طفل لايتجاوز سنه العشر سنوات يحمل علبة سجائر، والغريب أنه يستهلكها في ظرف قصير ليشتري بعدها علبة أخرى. السجائر برستيج صاحبات الأيادي الناعمة لم يعد تناول السجائر أمرا مقتصرا على أصحاب المستوى الثقافي المتدني، بل أن نسبة كبيرة من العاملات سواء صحفيات أو محاميات بتن يحملن علب السجائر بمبرر أنها ستخلصهن من ضغوط وقلق العمل، في حين تفضّل صاحبات المناصب المرموقة السير على خطى العادات الغربية، وحسب إعتقادهن فإن إستهلاكها أصبح موضة ونوعا من البرستيج. وبعدما كان إستهلاك المرأة للسجائر ممنوع بالمجتمع الجزائري المحافظ بوقت سابق أصبح تناولها متاحا ومباحا أمام مرأى الجميع، وكثيرا ما نلاحظ بالكافيتريات مشاهد لشابات يرتدين الحجاب ويستهلكن السجائر بدون حرج، كما لاحظناأخريات يغامرن بحياتهن ويتبادلن تناول السجائر برفقة أصدقائهم. عادات سيئة للمدخنين من العادات السيئة التي باتت لصيقة بالآباء تناول السجائر أمام أفراد الأسرة، ضاربين عرض الحائط بأن تصرفاتهم ستلحق الأذى بغيرهم، وقد أثبتت دراسات الأطباء أن الأشخاص الذين يستنشقون دخان السجائر يتعرضون للضرر أكثر من الذين يستهلكونها، في حين يتعمد مستهلكو السجائر تناولها داخل مقر العمل دون الإهتمام بمن يحيطون بهم، وكثيرا ما تتسبب تصرفاتهم في إزعاج غيرهم ليصل الأمر إلى حد إستهلاكها داخل المستشفيات. لشيشة منافس للسجائر عرفت الشيشة إنتشارا واسعا بمختلف الكافيتريات المتواجدة بالعاصمة، وقد زاد الإقبال عليها من قبل كافة الفئات ولم يعد إستهلاكها حكرا على الرجال، بل بات تناولها من عادات بنات حواء، وقد ذاعت شهرتها في السنوات الأخيرة بمختلف ولايات الوطن، وحسب سكان منطقة سوق أهراس ووادي سوف فإن الشيشة باتت متواجدة بكافة المقاهي، وقد إستمد سكانها عادة تناولها من التونسيين المتواجدين على الحدود ،وحسب رأي أصحاب الكافيتريات فإن عادة شرب الشيشة دخلت مع الجالية العربية المقيمة بالجزائر، حيث يتراوح سعرها بين 500 دينار ليصل إلى 800 دينار ببعض الكافيتريات الراقية بالعاصمة. وخلال زيارة قادتنا لبعض الكافيتريات على غرار صالون الشاي المتواجد بسيدي يحيى، لاحظنا مدى إقبال الجزائريين على تناول الشيشة، وحسب أراء الزبائن المتواجدين بالمكان فإن سر إستهلاكهم لها هو توفرها بنكهات مختلفة كالنعناع والبرتقال الذي يتوافق مع ذوقهم مقارنة بالسجائر. بنات حواء مدمنات على الشمّة بالرغم من مخاطرها الصحية وتسببها في ظهور الشباب بشكل بشع، إلا أن نسبة كبيرة من الجزائريين باتوا لايستطيعون الاستغناء عنها بعدما كان إستهلاك الشمة حكرا على الجنس الخشن أصبح تناولها من العادات المتوارثة عن الأجداد، والتي حرصت بنات حواء على تناولها إتباعا لنصائح الجدات بفعاليتها في الشفاء من بعض الأمراض، وخلال حديثنا مع إحدى المسنات أخبرتنا أن وضع الشمة بالفم من الطرق التقليدية الكفيلة بتسكين ألام الأسنان، ولم تعد تستطيع الاستغناء عنها في بيتها في حالة شعور أبنائها بالأوجاع. بينما أكدت لنا أخريات أن إستهلاك أقاربهم للشمة جعلهن مدمنات عليها بعد إستنشاقهن لرائحتها التي تسببت لهم في الشعور بالقلق، ما أجبرهن على تعاطيها. ولعل أكبر دليل على أن السجائر عقار مخدّر يسبب الإدمان، أنه عندما يحاول المدخن الإقلاع عن التدخين تظهر عليه أعراض جسمية ونفسية نتيجة نقص النيكوتين في خلايا دماغه وجسمه، إذ أصبحت هذه المادة المخدرة جزءاً من تركيبة دمه وهذا هو الإدمان بعينه. وهذه الأعراض هي التي تجعل نسبة النجاح في الإقلاع عن تعاطي السجائر قليلة، حيث لا تزيد عن 12% مهما اختلفت طريقة العلاج إذ أن بعض المدخنين قد يعود إليه بعد سنين من الإقلاع عنه.. وعندما يتوقف المدخن عن إستهلاك السجائر فإن أعراض انسحاب مادة النيكوتين تظهر عليه خلال أربع وعشرين ساعة، ومن هذه الأعراض القلق والعصبية وسرعة الانفعال والاضطراب والنعاس مع عدم القدرة على النوم المريح وشعور بالضيق والاختناق والصداع، كل هذه تكون مصحوبة برغبة شديدة في التدخين لإطفاء نار هذه الأعراض المزعجة. وإذا لم يستسلم المدخن لهذه الأعراض فإنها لا تلبث أن تختفي في غضون أيام قلائل، ولكن احتمال العودة إلى التدخين لا تزال مرتفعة جداً. ويعود السبب في ذلك إلى أن هناك نوعين من الإدمان، إدمان عضوي وهذا يعتبر بسيط إلى حد ما، إذ بإمكان الأطباء مساعدة المدخن على تجاوز هذه المرحلة وهي ما تسمى بتأثيرات إنسحاب النيكوتين. أما النوع الثاني مع الإدمان فهو الإدمان النفسي وهو أن التدخين عادة اجتماعية لها بعض الشعائر التي تحيط بها مثل التدخين على كوب من الشاي أو برفقة أناس معينين، ومن ثم وضعها في الفم بطريقة معينة ثم إشعالها واستنشاق الدخان بنفس عميق ما يؤدي إلى زيادة إستهلاك المدخنين للسجائر خاصة عند مرورهم بالمشاكل . مخاطر التدخين والشمّة الصحية يؤكد الأطباء المختصون في الأمراض التنفسية، أن التبغ بكافة أنواعه يحتوي على مواد كيميائية سامة تتسبب في إصابة مستهلكيها بأمراض خطيرة، من بينها إلتهابات صدرية تصل إلى حد الإصابة بسرطان الرئة، بالإضافة أن إستهلاكها بشكل مستمر يؤدي إلى تغير في لون الفم وإصفرار الأسنان كما يؤثر بشكل سلبي على الجهاز التنفسي والهضمي فتتسبب في إختلال بوظيفة المعدة فتؤدي إلى تهيج الأغشية المخاطية. وعن الآثار السلبية للشمة فيرى الأطباء أنها تحتوي على النيكوتين الذي يتسبب في إختلال بوظيفة الجهاز العصبي مايؤدي إلى شعور مستهلكيها بقلة التركيز والصداع إضافة أنها تؤدي إلى تجمع البكتيريا والفطريات بالفم. من جهة أخرى أشار المختصون أن التدخين يؤدي إلى إمتصاص الكالسيوم من الجسم مايزيد من إحتمال الإصابة بسرطان اللثة وسقوط الأسنان. تأثير سلبي على الجهاز العصبي ونتيجة لتذبذب كمية النيكوتين في الدم، بين سيجارة وأخرى تتأثر خلايا الدماغ فيصبح المدخن متوتراً، قلقاً غير قادر على الاسترخاء، وكذلك فإنه يجد صعوبة في التركيز مما يحدث له صداعاً وسرعة في الانفعال والغضب في العمل أو مشاكل عائلية، ناهيك عن ما قد يكتسبه الطفل من عادات سيئة من والده المدخن عن طريق التقليد الذي هو سمة من سمات الطفولة البريئة. كذلك فإنه نتيجة ما يعانيه المدخن من قلق وتوتر وصعوبة في ضبط الأعصاب، فإنه قد يلحق الأذى بغيره مايؤدي إلى تغير علاقته الاجتماعية بغيره إلى الأسوء. و رى مختصو التنمية البشرية، أن سبب إدمان الأطفال على التدخين هو غياب الرقابة الأسرية عليهم خاصة من قبل الأولياء العاملين. إضافة إلى استمرار المحلات في بيعها للقصّر في ظل غياب قوانين ردعية كفيلة بمنع بيعه لتلك الفئة
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 25/08/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : السلام اليوم
المصدر : www.essalamonline.com