السمات العامة للكتب عند الجاحظ

السمات العامة للكتب

في وصف للجاحظ عن الكتاب يقول فيه: الكتاب نعم الذخر والعقدة، والجليس والعمدة، ونعم المشتغل والحرفة، ونعم الأنيس ساعة الوحدة، والكتاب وعاء ملئ علماً، وظرف حشي ظرفاً، وﺇناء شحن مزاحاً(55).

ما يهمنا هنا الكتب والرسائل سواء أكانت للجاحظ أم لغيره، وطبيعة ﺇنشاء هذه الكتب والرسائل، التي تربط بين الجذور الواقعية والخيال الابداعي، وما هو محتواها ومضمونها الموضوعي، ونوعها الفكري والأدبي والابداعي، وما ظهر خلال عصور النثر الفني في الأدب العربي. من انواع أدبية ﺇبداعية، كان أبرزها القصة والفكاهة مقابل المقامة، والحدث والفكاهة مقابل المقالة، وما ظهر من مصطلحات نقدية كاللفظ والمعنى مقابل الشكل والمضمون في العصر الحديث.

والمشهور أن عمدة كتب الأدب واﻹنشاء (أدب الكاتب) لابن قتيبة، و(الكامل) للمبرد، و(البيان والتبين) للجاحظ، و(النوادر) لأبي علي القالي، و(العقد الفريد) لابن عبد ربه، و(الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني.. وإذا أريد اﻹنشاء فأهمها (كليلة ودمنة) وسائر كتب ابن المقفع(56).

يذكر جرجي زيدان، بان هناك شروطاً للتأليف، أي تأليف الكتب، ويشير ﺇلى نوعين من الكتَاب، النوع الأول، الذي يكتب بموضوعات شخصية أو كتابات تخص موضوعات أُخرى، علمية أو أدبية، وقد لا يحظى مثل هؤلاء الكتاب باهتمام الناس. النوع الثاني، وهو الكاتب العام، فانه خادم الأُمة وولي إرشادها. وعليه أن يبذل الجهد في سبيل مصلحتها. ولابد له في تأليفه من ثلاثة شروط: الأول: ﺇختيار الموضوع، الذي يرى الأُمة في حاجة ﺇليه. والثاني: أن يسبكه في قالب يسهل تناوله. والثالث: أن يتوخى صدق اللهجة والصراحة، بلا ﺇنحياز ﺇلى طائفة أو حزب. والكتَاب يتفاوتون قدرة على القيام بأحد هذه الشروط أو كلها، بتفاوت أحكامهم على النافع والضار من الموضوعات، وتباين قدرتهم على ﺇيضاح أفكارهم. ويصعب ذلك على الخصوص في الموضوعات الأدبية، كالتأريخ والاجتماع، والأخلاق، ونحوها بخلاف الموضوعات الطبيعية، فانها مقيدة بمصطلحات تسهل اﻹجابة فيها(57).

ﺇن مادة هذا البحث النثر الفني في الأدب العربي وسمات الكتاب القديم وخصائصه غنية وشاملة، واﻹحاطة بكل تفاصيلها ضرب من الخيال، فما أنتج على مدى قرون مضت شكل تراثاً ﺇبداعياً ضخماً وتراكماً معرفياً هائلاً، أثرى المكتبة العربية، ومكتبات العالم على مدى ثمانية قرون من الزمن.