الجزائر

السلطات لا تحرك ساكنا.. والمواطن هو الضحية الأولى ندرة الحظائر العمومية وراء انتشار “الباركينغ” العشوائي



السلطات لا تحرك ساكنا.. والمواطن هو الضحية الأولى                ندرة الحظائر العمومية وراء انتشار “الباركينغ” العشوائي
  إلى جانب اختناق حركة السير التي تسبب بها العدد الهائل من السيارات بالعاصمة، ظهرت مؤخرا أزمة المواقف. وبالموازاة مع هذا النقص ظهرت  نشاطات غير شرعية لشبان نصّبوا أنفسهم أمناء على سيارات المواطنين  ومسؤولين على سلامتها، مستعملين في ذلك كل السبل والوسائل التي تجبر أصحاب السيارات على الرضوخ لـ”سلطتهم”، ما أثار استياء هؤلاء الذين لا يجدون البديل. يشتكي العديد من المواطنين من صعوبات تواجههم في ركن سياراتهم، أو دفع مقابل ركنها في مكان يسيطر عليه هؤلاء الناشطون خارج الإطار القانوني، والذين يفرضون عليك سلطتهم بدعوى انتمائهم إلى الحي. مواقف بخمسين دج وأخرى بسبعين، حسب المنطقة السكنية والمدة الزمنية.. هو سعر حدد بطريقة اعتباطية من قبل هؤلاء الشبان الذين يفرضون عليك الدفع بكل الطرق، حتى لو تطلب ذلك التهديد باستعمال العصي والهراوات، ما جعل العديد من المواطنين يدخلون في شجارات يومية مع هؤلاء “المتسولين”، كما يسميهم البعض، باعتبار مهنتهم تكسب من غير جهد ولا عناء. الأحياء تتحول إلى حظائر.. والسكان آخر المستفيدين يعيّن بعض الشبان أنفسهم مسؤولين عن مواقف اختاروها لتكون مصدر رزقهم، الأمر الذي لمسناه في أحد أحياء عين النعجة بالعاصمة، والذي حوله هؤلاء إلى موقف خاص، غير أن هؤلاء اغتنموا  سماح أهل الحي لهم بحراسة سياراتهم لتوسيع نشاطهم باستقبال زبائن من خارج الحي، ما تسبب في اكتظاظ الموقف عن آخره حتى لم يعد يتسنى لأهله إدخال مركباتهم إذا تجاوزوا ساعة معينة، وهذا ما أكده القاطنون في ذلك الحي. وفي ذات السياق، يروي لنا سمير حادثة بقائه عاجزا عن إخراج سياراته بسبب العدد الهائل للسيارات، التي يؤكد أن أغلبها ملك للأجانب، ليقلّ زوجته إلى المستشفى، ما دفعه للذهاب في سيارة أجرة.. كما لمسنا استياء السكان من طلب الحراس ترك مفاتيح السيارة ليبيتوا في بعضها..!.   عدم وجود البديل يدفعهم للرضوخ رغم الازدحام الذي تعرفه الأرصفة والطرقات وحتى المساحات الشاغرة بالسيارات، كمواقف عشوائية استغلها بعض الشبان البطّالين للربح السريع، إلا أن المواطن يجد نفسه مضطرا للرضوخ لطلباتهم ودفع أجرة الحراسة. وفي حديثنا مع بعض المواطنين، أرجعوا ذلك إلى عدم قدرة الحظائر العمومية ببلديات العاصمة على استيعاب الكم الهائل من السيارات المتوافدة عليها، وكذا سكوت السلطات التي لم تحرك ساكنا إزاء القضية، الأمر الذي يجبر السائق على ركنها في أي مكان يضمن من خلاله ولو جزءا صغيرا من السلامة لمركبته.. هذا ما أخبرنا به (لطفي.أ) الذي يقول إنه”بالرغم من تضايقه من استغلال هؤلاء الشبان غير الشرعي لطرقات هي في الأصل ملك للجميع، إلا أنه لم يجد بديلا عن هذه المواقف، فأي مكان آخر لا يضمن له سلامة مركبته من السرقة”. أما صديقه جمال الدين، فيؤكد أن السرقات تحدث عادة من طرف هؤلاء الشبان أنفسهم حتى يقنعوا المواطن بأهمية “الباركينغ”.  يتنقلون بالحافلات رغم امتلاكهم سيارات خاصة أصبح امتلاك سيارة بالنسبة للعاصميين أمرا مؤرقا، لأن إيجاد مكان آمن للتوقف بات هاجسهم اليومي، ما دفع العديد ممن يملكون السيارات إلى تفادي قيادتها بسبب انعدام الحظائر لركنها.. هذا ما أطلعنا عليه خالد، الموظف بديدوش مراد، والذي كان يمضي ساعات وهو يحاول أن يجد مكانا لركن سيارته دون فائدة، ما جعله يقرر ألا يقود سيارته إلا في أيام العطل أو عند التنقل إلى مسافات بعيدة.  بينما قالت رتيبة إنها تعبت من مضايقات حراس المواقف الذين يستغلون فرصة غياب الحظائر والمواقف القانونية لفرض سلطتهم على طرقات العاصمة، فكثيرا ما تجد نفسها آخر النهار قد دفعت 200 دج أو أكثر أثناء التوقف لقضاء حوائجها هنا وهناك، المبلغ الذي لا تستطيع ميزانيتها تحمله، وحتى لا تدخل معهم في مشادات أو مساومات فضلت رتيبة التنقل بالحافلات العمومية تاركة سيارتها للزيارات العائلية في أيام العطل.. لا قانون للمواقف العشوائية في الجزائر أكد المحامي خبابة عمار، أن عمل هؤلاء الشباب غير شرعي، كما اعتبره تعديا على حقوق وحرية الأشخاص، مضيفا أن ذلك يعتبر تشويها حقيقيا لصورة العاصمة التي أصبحت تحت سلطة عصيّ المنحرفين. وفي ذات السياق أكد الأستاذ خبابة أن نشاط هؤلاء يدخل في إطار ممارسة عمل تجاري دون ترخيص، والذي يعاقب عليه القانون بدفع غرامة مالية، مع إمكانية الحبس مع وقف التنفيذ إذا كان المتهم متعودا على تكرار هذه المخالفة، مناشدا من خلال حديثه السلطات المعنية، ممثلة في الأمن والدرك الوطني، لتوقيف هؤلاء الشبان ومعاقبتهم على خرق القانون بدل التفرج عليهم دون تحريك ساكن!. أما فيما يخص إيجاد الحلول، فقد اعتبر المحامي خبابة تنظيم عمل هؤلاء الشبان من خلال توفير البلديات لأماكن مخصصة للعمل وفق الشروط النظامية، سيكون ضد إرادة هؤلاء الشبان.. لأن العمل بصفة غير قانونية يمكنهم من مضاعفة دخلهم بعيدا عن الضرائب، كما يبعدهم عن أي مسؤولية في حالات السرقة أو أي ضرر قد يلحق بالسيارات.   إيمان مقدم  


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)