الجزائر

الزي التلمساني ومظاهره



وكان يلبس أحسن الثياب، ويفضل اللون الأبيض في فصل الصيف، ويحرص كل الحرص على ارتداء الملائم التونسية والأحارم(67)، حتى قال عنه بعض الفقهاء بأنهم ما رأوا أحسن منه صورة، ولا أجمل منه هيئة ولا أطيب رائحة، وكان لا يعمم(68) ''وكان له وقار''(69)، وقد اعتاد أن يتصدق على رجال التصوف وأهل الزهد والورع بفضلات من القطن والصوف، وأحارم خشنة في كل سنة(70)، وقد تبقى جبة الصوف الواحدة على ظهر صاحبها من الزهاد عدة سنوات(71)، بينما نجد الفقيه العالم أبو إسحاق إبراهيم التنسي مقتصدا في لباسه مقتصرا على أقل ما يمكنه. فكان يلبس المرقعة بين ثيابه وهي عبارة عن جبة صوف سوداء اللون، مبطنة بخرقة سوداء محشوة بالقطن مرقعة ويضع فوقها برنسا أخضر اللون أو أسود أو غفارة(72)، وكانت له واحدة أخرى زبيبية اللون(73)، ويعمم يعمامة أهل افريقية، وكانت هذه العمائم تصنع في مدينة تلمسان، ثم انتقلت صناعتها ّإلى تونس(74).

أما أبو العباس أحمد بن محمد بن مرزوق والد الخطيب، فكان لباسه لا يختلف ن لباس والده، بحيث يتأنق فيه ويفضل لبس الجربى والمثنى والرفيع من الصوف التلمساني، وكان أكثر ألوان لباسه الأخضر والمسنى(75) والزرعي والهندي، ويتعمم مقلبة ويرتدي الحارز الإسكندراني والأحارم التونسية(76)، وكان شديد الاعتزاز بلباسه المحلي التلمساني، الذي كان يظل به طوال إقامته، في الديار المصرية والبلاد الحجازية(77) لعدة سنوات، حتى توفي بمكة سنة 741هـ/1341(78).

ويلبس أهل تلمسان الحذاء الذي يعرف بالنعل(79) والقبقاب(80)، والشاشية الأندلسية(81)، ويلبس المتصوف من أهل تلمسان الخرقة وجبة الصوف، كما عرف التلمسانيون لباس القبطية وجمعها قباطي، وهي عبارة عن ثوب أبيض اللون مصنوع من كتان ناعم(82)، والشقة وهي ثوب رفيع ومستطيل والسروال والبرنوس(83).

وقد تأثر الأعراب من بني هلال، الذين حطوا رحالهم بمدينة تلمسان وضواحيها باللباس التلمساني ومظاهره، فاتخذوا العمائم التلمسانية والبرنوس الزناتي(84)، وكذلك اتخذوا من البرينسات الصغيرة المعروفة عند أهل تلمسان باسم ''الغفارة'' لباسا لأطفالهم حتى أحدثوا أزمة برينسات في أسواق تلمسان لشدة الطلب عليها، ولاسيما من قبل قبيلة بني عامر(85). وكان سكان تلمسان يفرشون الأسرة والحصيرة والحنابل(86)، ويغطون بالتليس والملاحف وتوسدون المخاد أو الوسائد(87)، ويضعون ثيابهم في حقائب أو صناديق تعرف في مدينة تلمسان ''بالسبنيات''، وعند أهل مصر ''بالقشتان''، كما يذكر ابن مرزوق(88)، ويحملون الفواكه في سلة أو محفظة(89)، ويضعون الماء في السطل وأواني من الفخار، وقرب الماء(90).

أما أهل الذمة من النصارى واليهود، فقد كان لباسهم الخاص بهم، يميزهم عن بقية المسلمين في المدينة، وقد فرض الموحدون على اليهود- كما أسلفنا- لباسا يتكون من ثياب كحلي اللون أو أزرق بأكمام واسعة وطويلة، وأمرهم بتقلد قلانس تشبه البرادع تصل إلى تحت آذانهم، في نهاية القرن السادس الهجري الثاني عشر ميلادي، غير لهم الناصر الموحدي، لون اللباس من الكحلي إلى اللون الأصفر(98)، وهو الشكل واللون اللذان ظلوا به خلال العهد الزياني.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)