الرعي طابع بريدي الجزائر

بعد أن نجحت في تحويل أوضاع المعيشة بشكل جذري بالنسبة للفلاحين في المناطق الزراعية من البلاد، آن للثورة الزراعية أن تتجه في مرحلتها الثالثة نحو سكان المناطق السهبية، أي نحو الذين يعيشون أساسا من التربية الرعوية للماشية. تتمثل السهوب في المنطقة الشاسعة التي لا يمكن القيام بأي زراعة فيها دون ري، نظرا لجفاف مناخها، غير أن نباتها الدائم يسمح بتربية الغنم، لذلك فإن المنطقة المخصصة للخرفان تمتد من جنوب خط التماطر المتوسط 400 مم سنويا، إلى خط التماطر 100 مم، وبجنوبه تبدأ مباشرة الصحراء الكبرى. وبهذا التعريف فإن السهوب تغطي قرابة 20 مليون هكتار منها 15 صالح فعلا لتربية الماشية. تقدر قطعان المناطق السهبية حاليا من 8 إلى 10 ملايين رأس غنم على الأقل، وهي تشكل الطاقة الرئيسية لإنتاج اللحم والصوف. تعتبر قطعان الماشية المورد الرئيسي إن لم يكن الوحيد لحوالي 000 170 أسرة، ومن ذلك فإن تربية القطعان وما يشملها من نشاطات تابعة لها مباشرة، هي الإنتاج الهام والوحيد في المناطق السهبية. يعد استغلال الإنسان لأخيه الإنسان مستمرا ويتميز بالخطورة في ظروف إنتاج تربية المواشي، حيث أن توزيع القطعان لا يمت إلى المساواة بصلة، وأن نصفها ملك لأقل من 5 بالمائة من المربين. ويلجأ كبار مالكي الماشية إلى وضعها تحت حراسة رعاة لا يستطيعون رفض شروط عقود العزلة الجائرة، فبؤس أسر الرعاة يزداد حدة بحكم الضغوط الخاصة بالعمل الذي يفرض العزلة والتنقل المستمر للانتجاع، ومن ذلك صعوبة الاستفادة من الخدمات الاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية. وما هدف الثورة الزراعية إلا وضع حد جذري ونهائي لهذا الجور في العلاقات الاجتماعية. تهدف الثورة الزراعية في المناطق السهبية ضمن إطار هدفها العام إلى تحويل جذري لعلاقات الإنتاج وأوضاع استعمال المراعي، وظروف معيشة المربين. حيث ينبغي على الثورة الزراعية أن تضع حدا لاستغلال الرعاة وصغار الفلاحين من طرف كبار المالكين، وذلك بتطبيق مبدأ «المراعي والمواشي للذين يجعلونها منتجة بعملهم، ويكسبون رزقهم مباشرة منها». إن الثورة الزراعية في الوسط الرعوي تعني بذلك أيضا أنها البرنامج الخاص للتهيئة والاستثمار، وهذا يعني إنجاز الاستعمال الأفضل للمراعي وإعادة تقييم التربية والبساط النباتي، والقضاء على مسببات تدهور المراعي حاليا.