اعتبر البروفيسور عبد الرحمن موساوي، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة ليون الفرنسية، أن مؤسسات وتفكير مسيّري وسياسيي الدولة الجزائرية المستقلة، يقوم على منظومة مرجعية ضاربة في التاريخ. لكن هذه الدولة ''أممت'' المفاهيم والمصطلحات التي كانت محرّكات الثورة التحريرية، وهي ذات مرجعية إسلامية بداية من كلمة ''الجهاد'' والمجاهدين، وقد استمرت الدولة في استعمالها وفق المقتضيات التاريخية والمرحلية التي تواجهها. وشرح البروفيسور موساوي، في محاضرته التي ألقاها سهرة أول أمس، بمعهد تنمية الموارد البشرية بوهران، مفهوم الجهاد والقتال في المنظومة الفكرية الإسلامية. لينطلق في تفكيك كيفية استخدام الثورة الجزائرية للمصطلحات ذات البعد الديني، ومنها الجهاد، في حين أن الأمر كان متعلقا بتحرير البلاد من المستعمر الأجنبي. وقال إن الإسلام كان أهم وسيلة للتجنيد في تلك المرحلة، مادامت كل المقاومات التي تصدّت للاستعمار انطلقت من الفضاءات الدينية بتسميات مستوحاة من الإسلام. إضافة إلى أن قادتها يحملون رمزية دينية، أمثال الأمير عبد القادر، المقراني وغيرهم. وتناول المحاضر أيضا كيف امتدت ''تأميم المفاهيم والمصطلحات'' الإسلامية من طرف الثورة التحريرية، التي جعلت المقاتل أو المحارب ضد فرنسا مجاهدا، ثم تحوّل إلى أخ بعد الاستقلال، ومعركة البناء والتشييد التي وصفت بالجهاد الأكبر. ثم مارست الدولة الجزائرية المستقلة نفس ما مارسه المسلمون في فجر الإسلام بعد الغزوات، ورتبت مستحقي الريوع حسب مساهمتهم في الثورة، ومنحتهم تسميات ''إسلامية''، شهيد، مجاهد، مسبل وغيرها.
وحتى في الزوابع التي مرّت بها الدولة والمجتمع، لجأت إلى المصطلح الإسلامي في تسميتها، مثل فتنة، فتح باب الحوار، على وزن فتح باب الاجتهاد، قانون الرحمة، سيف الحجاج. وهو ما جعل البروفيسور عبد الرحمن موساوي يخلص في محاضرته إلى أن ''الجزائر لم تكتشف الإسلام مع الاستقلال أو مع أحداث أكتوبر 1988 وغيرها من المحطات المهمة، وأن استعمال الإسلام كمصدر للسياسة ليس جديدا''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 30/07/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : ل بوربيع
المصدر : www.elkhabar.com