لماذا قامت الدنيا ولم تقعد في فرنسا لجريمة مقتل أربعة إسرائيليين في مدينة ''تولوز''، وتحولت الحادثة بسرعة إلى ''قضية رأي عام'' دولي، بينما سعت السلطات الفرنسية ومن ورائها الإعلام إلى التعتيم على حادثة مقتل ثلاثة جنود فرنسيين في ''مونتوبان'' جنوب غرب البلاد، فقط لأن اثنين منهم مسلمان من أصول مغاربية والقتيل الثالث من جزر الأنتيل.
كذلك، قبل ذلك بأيام، قام الطيران الإسرائيلي بعدوان همجي على غزة راح ضحيته العشرات من الفلسطينيين بينهم أطفال، ومع ذلك لم نسمع ولم نشاهد في الإعلام حملات التنديد بهذه الهمجية، بل تم تكييفها في خانة ''الدفاع عن النفس''. وقبل أيام أيضا، قتل جندي أمريكي بدم بارد 61 مدنيا أفغانيا، فجرى ترحيله بسرعة، وتم الاكتفاء بتوزيع بيان يتيم للإدارة الأمريكية تدين فيه الحادثة ''المؤسفة''. أما القتلى الذين يسقطون هنا وهناك بالعشرات كل يوم في بلدان ''الثورات العربية'' وفي غيرها، فهم لا يعدون ولا يحصون ولكن لا ''مغيث لهم''، لا في السياسة ولا في الإعلام.
ألا يحق لنا بعد هذه الشواهد أن نتساءل حول ما إذا كان الدم الإسرائيلي دما أحمر غالي الثمن، بينما دم العرب والمسلمين عبارة عن ماء أو دم ''قليل التركيز'' في أحسن الأحوال.
وفي هذا المقام يمكن أن نسجل عدة ملاحظات لعل أبرزها أن نفوذ اللوبيات الصهيونية نجح في شراء ذمم كبار رجال السياسة والإعلام في العالم، فأصبحوا لا يرون الأحداث إلا بنظرة تل أبيب وحليفتها واشنطن، وفق منطق ''أمن إسرائيل'' و''معاداة السامية''، و''الإرهاب الإسلامي''.
والملاحظة الأخرى للأسف، هي تفتيت ''الوحدة النفسية'' للعرب والمسلمين، بعدما تضاربت مصالحهم وتعددت الوصاية عليهم، ما بين إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا وإيران وتركيا، فتحولت معها فلسطين من القضية الجوهرية لدى العرب والمسلمين إلى مجرد صراع بين حركتي فتح وحماس، وتحولت معها سوريا الجريحة إلى منطقة نفوذ شيعي سني، وطبعا لكل واحد تبريراته للقتل الحاصل وفق مذهبه.. في النهاية ألا يبدو أننا السبب في رخص الدم العربي المسلم!
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : رمضان بلعمري
المصدر : www.elkhabar.com