الجزائر

الدقة والاحترافية في العمل



ودعنا، أمس، وإلى الأبد، الزميل المرحوم عبد الجليل جلالي، الذي كرّس حياته للعمل الإعلامي لسنوات طويلة بجريدة «الشعب» التي غادرها منذ سنوات قليلة بعد أن وصل إلى سن التقاعد.كل من عمل مع هذا الصحافي البارز، يتذكر تفانيه الكبير في العمل وبحثه الدائم عن الدقة في تقديم المعلومة أو كتابة مقال.
بالنسبة لي شخصيا، عملت إلى جانبه لسنوات طويلة بحكم تواجد مكتبي في القسم الرياضي بمحاذاة القسم الدولي الذي كان يشرف عليه، حيث تعلمت منه الكثير، بالرغم من أننا لم نكن في نفس القسم، كونه كان يقدم للصحافيين نصائح حول التغطية الإعلامية للأحداث وخاصة أسلوب إجراء الحوارات الصحفية بكل مراحل العملية التي تتطلب تقنيات، بحسب ما كان يؤكده المرحوم عبد الجليل، بداية بالاتصال بالشخص وإعداد الأسئلة وصولا بالكتابة، حيث كان يؤكد دائما على ضرورة كتابة الحوار مباشرة بعد إنهاء “الدردشة” لتجنب نسيان بعض التفاصيل التي قد تكون مهمة ولإعطاء العمل “قيمته الحقيقية”.. إنها نصيحة عملية جد مهمة في مشوار الصحفي...
علمت، أمس، من بعض الزملاء “القدامى” بمقبرة سيدي يحي، أن عبد الجليل جلالي التحق بجريدة «الشعب» سنة 1974، وتميّز بكتاباته وغزارة “إنتاجه”.. وأتذكر أنني عندما دخلت “هذه المدرسة” كان المرحوم مكلفا بمتابعة أشغال المجلس الشعبي الوطني، حيث كان مختصا في هذا المجال.. إلى جانب إجراء الحوارات دوريا مع عدد من الشخصيات لإثراء محتوى جريدة «الشعب».
وبفضل مستواه ومعرفته الجيدة للعمل الإعلامي تم ترقيته إلى منصب رئيس التحرير بنفس الجريدة، أين قدّم عملا مميّزا.. قبل أن يتم تعيينه على رأس القسم الدولي في السنوات الأخيرة من مشواره الإعلامي.
فقد كان متابعا للشؤون الدولية والأحداث التي تحملها في كل لحظة، أين لاحظت في عدة مرات كيف كان يقوم بتغيير بعض المواضيع أو إضافة معلومات جديدة للأخبار من خلال ظهور مستجدات جديدة في أحداث معيّنة بهدف إعطاء للقارئ عملا متقنا من جميع النواحي، وكان “يبحر” في الأنترنت بشكل دائم لإعطاء “العمق” الكافي للمواضيع.. والحصول على معلومات لاستغلالها في كتاباته الدورية.
وكان عبد الجليل يحرص طوال الأسبوع على اختيار “الموضوع المناسب” لإعداد “الملحق الدبلوماسي” الذي “طبعه” بصبغة خاصة بكتابة الافتتاحية التي كان يخصص لها وقتا كبيرا دون كلل ولا ملل، حيث كنا نقرأها بانتظام بالنظر لنوعية المعلومات التي كان يقدمها والتسلسل المنطقي في تقديم هذه “الزبدة” في الإنتاج الصحفي.
كان المرحوم عبد الجليل مدرسة حقيقية في الكتابة الإعلامية بفضل الدقة الكبيرة واللغة الرفيعة التي كان يستعملها بأسلوب راق.
وكم من مرة يقدم لنا المعنى الحقيقي في شرح كلمة دون أن “نذهب بعيدا”، كونه كان “قاموسا في الجريدة”، وفي مختلف المواضيع والمجالات..
وكلنا نتذكر في جريدة «الشعب»، “الإبداع” الذي قدمه من خلال تكليفه بإعداد الصفحة الدينية بمناسبة شهر رمضان في السنوات الأخيرة، حيث “هندس” الصفحة أو بالأحرى صفحتين بطريقة تسمح للقارئ الاستفادة من معلومات قيّمة وبطريقة احترافية كبيرة نالت إعجاب كل المتابعين للعمل الذي كان يقدمه يوميا حيث ترك هذا العمل أثارا ايجابية كبيرة لدى القراء.
وداعا عبد الجليل.. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)