كشفت إحصائيات لصندوق النقد الدولي أن منظومة دعم الأسعار المنتهجة من قبل الحكومة تمثل أكبر عقبة أمام تطوير تنافسية ومردودية المؤسسات الجزائرية، وعلى رأسها مؤسسات القطاع العام، على غرار مؤسستي سوناطراك وسونلغاز، بالإضافة إلى استفادة الأغنياء من 80٪ من أموال الدعم، فيما لا تتعدى الحصة التي تصل إلى الفقراء الحقيقيين 20٪ من اجمالي المبالغ المرصودة لتحسين القدرة الشرائية بمختلف أشكالها.
وتعتبر سياسة الدعم بالطريقة التي تطبقها الجزائر بحجة حماية الفئات الهشة مكلفة جدا، فضلا عن اعتمادها على قواعد خاطئة، لأن الحكومة تدعم الأسعار النهائية عند الاستهلاك على عكس الدول التي تقوم بدعم الإنتاج، مما ساهم في الحالة الجزائرية بقوة في تبذير وتبديد موارد نادرة غير قابلة للتجدد فضلا عن إضعاف تنافسية جهاز الإنتاج الوطني في القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية بالإضافة إلى تعزيز التبعية الغذائية والاقتصادية للقوى الخارجية.
وكلفت هذه السياسة الخاطئة من أساسها ما يعادل 156 مليار دولار منذ 1999 إلى 2012، وكل هذه الأموال من مصدر وحيد وهو البترول، أي أنها عملية بسيطة جدا لإعادة توزيع الريع على الرغم من تحسن قدرات جهاز الإحصاء الوطني، سواء باستخدام قواعد بيانات نظام الضمان الاجتماعي للأجراء وغير الأجراء الذي يسمح بمعرفة الدخل الحقيقي للأسر أو باستخدام قاعدة البيانات الخاصة بالأطفال في سن التمدرس أو بالنظام الوطني الخاص بالضرائب، فضلا عن قاعدة البيانات الوطنية التي يتوفر عليها المركز الوطني للسجل التجاري .
وتشمل هذه التحويلات المساعدات والدعم المباشر وغير المباشر خارج الميزانية الذي بلغت قيمته 17٪ من الناتج الخام عام 2010، وخاصة الدعم الموجة للطاقة بكل أنواعها والمياه والحليب والسكر والزيوت والحبوب والتربية والصحة والنقل والسكن، ويبلغ عدد الصناديق المخصصة لتقديم الدعم الذي يفترض أنه موجه للفقراء والفئات الهشة 14 صندوقا مختلفا.
ويستهلك الجزائري 247 كلغ من القمح سنويا و147 لتر من الحليب، مقابل 140 كلغ للمواطن المغربي والتونسي وكميات أقل من الحليب، لأن معدل التبذير أقل في المغرب وتونس.
ويكلف المريض الواحد للخزينة العمومية يوميا في المتوسط 10000 دج عند الاستشفاء، ولا يدفع المواطن سوى 100 دج مقابل الليلة الواحدة و50 دج للكشف الطبي.
وكشف البنك الإفريقي للتنمية، أن تجربة نظام الدعم المباشر أعطت ثمارها في العديد من البلدان من بينها الأرجنتين منذ 2003، حيث ساعدت هذه السياسة على إعطاء انطلاقة جديدة لاقتصادها، حيث استطاعت تحقيق نسب نمو قاربت 9٪ خلال الفترة من 2003 و2007، إضافة إلى تقليص نسبة البطالة إلى 10٪ خلال سنة 2006 بعد أن كانت قد وصلت إلى 25٪ سنة 2001.
ودعا الخبير الاقتصادي عبد اللطيف بن اشنهو، إلى مراجعة سياسة الدعم المطبق حاليا لتحفيز الاستثمارات، مشيرا إلى أن مجموع الإنفاق العمومي الموجه للقطاعات المنتجة لا يتجاوز 2٪ سنويا، وهو ما يعادل نصف ما يوجه سنويا إلى أجهزة تشغيل الشباب، فيما توجه 20٪ من الاستثمارات إلى التجهيز، و8٪ إلى قطاع الطاقة من مجمل 33٪ المخصصة للاستثمار العمومي، على الرغم من وجود مستوى ادخار في حدود 50٪ في دولة لا يتعدى استثمارها المنتج 2٪.
وتعتبر سياسة الدعم العام المنتهجة من الأسباب الرئيسية المباشرة لتفاقم فاتورة الواردات خلال العشرية الأخيرة والتي فاقت 57 مليار دولار عام 2012، حيث يستفيد من الدعم الذي تطبقه الجزائر الشركات المنتجة في الاتحاد الأوروبي وآسيا والأمريكيتين.
ولا يتعدى دعم الفلاح الجزائري على سبيل المثال 1000 دولار في المتوسط سنويا في مقابل 25 ألف دولار في بلدان الاتحاد الأوروبي، مما يجعل الوجهة النهائية لدعم المنتجات الزراعية والغذائية التي تقرها الجزائر هي الفلاح الأوروبي الذي يوفر سلة الغذاء للجزائر، وهو الدعم الذي يجمع كل الخبراء المختصين في التنمية على إمكانية إعادة توجيهه نحو المؤسسة الجزائرية ونحو قطاع الزراعة الوطني ونحو شبكة التحويل الوطنية بهدف زيادة الإنتاج المحلي وتوجيه هذا الدعم نحو الصناعات والشعب الإنتاجية التي تضمن الأمن الغذائي الوطني بعد أن أصبح الدعم الشامل في الجزائر من وسائل تعزيز التبعية الغذائية للخارج
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/07/2013
مضاف من طرف : aladhimi
صاحب المقال : عبد الوهاب بوكروح
المصدر : السروق 2013/07/30.