الجزائر

الخوف أن يكون الآتي أسوأ؟!



الخوف أن يكون الآتي أسوأ؟!
قالت لي صديقة مقيمة في المهجر، زارت الجزائر منذ أيام “قولي لي، كيف أنت صابرة ومتحملة العيشة في هذه البلاد؟! أنا كلما جئت إلى هنا أندم على ذلك وأرجع وأنا أقسم أني لن آتي مرة أخرى!”.قلت لها، ليس لي حل، ولا أستطيع أن أعيش في بلاد أخرى غير الجزائر، لم أفكر يوما في الهجرة وأرفع القبعة إلى من استطاعوا، وهاجروا ونجحوا، وإن كنت أعرف أن أوجاعهم هم أيضا أضعاف أوجاعنا هنا، فيكفي متابعة صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لنعرف حجم الألم!نفس الكلام أسمعه في كل مرة من أصدقاء يزورونني، وفي كل مرة نعرج بالحديث على الوضع المتردي الذي وصلته البلاد، حتى أولئك الذين هاجروا أيام الأزمة الأمنية يصرون أن البلاد كانت أفضل رغم الخوف والمجازر وأخبار المآسي، كانت الجزائر واقفة وكان الأمل في غد أفضل قائما أيضا.نعم انحسر الإرهاب تاركا المكان للجريمة المنظمة وللفساد المستشري في كل دواليب الدولة، وفي المجتمع، فأكبر جريمة نعيشها اليوم هي التي مست الإنسان الجزائري، جريمة ساهمت فيها مدرسة متخلفة لا هم لإطاراتها إلا الصراع على زيادة الرواتب، بينما المستوى الدراسي يزداد تقهقرا وتخلفا. لا تغركم نتائج البكالوريا والمعدلات المرتفعة التي روج لها عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فلا خير في بكالوريا 3G والغش الممنهج، الغش الذي يساهم فيه الأولياء والأساتذة ومؤسسات بكاملها أحيانا، فهذا أكبر مصيبة تحل بشعب.أكبر جريمة قلت هي التي استهدفت الإنسان، فصار نموذج النجاح بالنسبة للشباب هو ذلك الذي يترقى بكل الطرق ويحتال، ذلك اللص ببدلة، وتجار المبادئ وباعة الوطن، الكل لص، منهم من نجح، ومنهم من ينتظر دوره ليأخذ نصيبه من المال السايب.من الصعب على الكثيرين منا العيش في بلاد بهذه المواصفات، حيث ينعدم الأمل، وحيث الأفق مسدود، وحيث نحاول كل يوم أن نحفر لنا طريقا بين الصخور والأعشاب الضارة والأشواك، لكن ماذا يبقى من الوطن إذا هجرناه جميعا؟ وهنيئا قلت للذي تحمل الغربة ونجح، لكن بأي ثمن؟!ربما هذا ما خطط له أولو الأمر منا، أي طردنا بطريقة ذكية ليخلو لهم الجو، ولا يبقى من يقف في وجوههم ويكشف عيوبهم وفسادهم.لن يهمهم الأمر حتى لو هاجرنا جميعا، فلن يكون من يزاحمهم على المناصب، وعلى المراتب، فهل كانت التلفزة الوطنية أن تنزل إلى الحضيض الذي تعيشه فيه اليوم، لو لم يجبر خيرة أبنائها على الهجرة؟ هل كانت الصحافة الصفراء أن تتحول إلى لون الفضلات، لو لم يستهدف الإرهاب خيرة صحفيينا، ولو لم تستثمر السلطة فيها لتبعد القارئ عن النقاش الحقيقي، فيغرق المجتمع في الخرافات والتفاهات؟ليست لنا أوطان بديلة، ولم نقو على الهجرة، ومنا من ندم حتى لأنه لم يفعل، الخوف أن يأتي يوم وتعج الشواطئ بالهاربين مما يتربص بنا وما تدفع بنا إليه سياسة شياطين الإنس الذين لعبوا ويلعبون بمصير البلاد!هاجرنا أم لم نهاجر، فلسنا بخير!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)