الخلاف في قاعدة خبر الواحد فيما تعم به البلوى وأثره في الفروع الفقهية

فهذا بحث يكشف اللثام عن مسألة من المسائل الأصولية الهامة؛ تلك المسألة هي مسألة الاحتجاج بخبر الآحاد الوارد فيما تعم به البلوىٰ؛ وهذا ظاهر من اهتمام الأصوليين به، فلا تكاد تنظر في مؤلف أصولي إلا وتجده يتطرق إلى هذا الموضوع، هذا في الغالب الأعم، وإلا فإننا نجد من الأصوليين كالإمام البيضاوي قد أهمل إيراد المسألة في منهاجه مما حدى بالإمام الأسنوي أن يدرجها في زوائده على المنهاج، فاخترنا ولوج هذا البحث نظرا لأهمية موضوعه وضرورة تجليته، لا سيما وأن المسألة تتعلق بمصدر هام من مصادر التشريع، وهو السنة؛ المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، فمعالجة الموضوع فيه إثراء بين لبحوث خبر الواحد وحجيته. كما أن هذه المسألة قد نص عليها العلماء قديما وحديثا، وكان الخلاف فيها بين مدرستين أصوليتين، مدرسة المتكلمين التي يؤمها معظم علماء الأصول من المالكية والشافعية والحنابلة، ومدرسة الفقهاء والتي انتهجها الحنفية، وقد أثمر الخلاف في هذه القاعدة خلافا في فروع فقهية كثيرة؛ مما يوضح بجلاء عمق تأثير علم أصول الفقه في الفقه الإسلامي.