آخر مكالمة لرضا مع زوجته: ''أرفدي الذراري وروحي للدار راهم اداوني'' ''ثمن القفة التي آخذها إلى رضا في السجن أجمعها من مساعدات أصدقائه''
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة صباحا عندما فتحت السيدة نيليا بن جمعة، حرم مغني الفلامينكو رضا سيكا باب المنزل، لتستقبلنا رفقة اثنين من أصدقاء العائلة في شقتها المتواضعة بحي العناصر بالقبة في العاصمة، للحديث عن زوجها رضا القابع في سجن سركاجي منذ شهرين، على خلفية ورود اسمه في قضية كوكايين متهم فيها مضيفون بشركة الخطوط الجوية الجزائرية.
يحمل كل ركن من أركان الشقة لمسات فنية وموسيقية تدل على ذوق ساكنها.. احتفظت جدرانه بذكريات العائلة الصغيرة من خلال صور سيكا برفقة زوجته وابنيه ريان 7سنوات وأنيس 3 سنوات.
تقول السيدة بن جمعة: أحاول تجاوز هذه المحنة من أجل أنيس وريان، وطول الوقت أحرص على إخفاء دموعي.. أخاف الإجابة على سؤالهما عن السبب .
تذكرت محدثتنا آخر مكالمة هاتفية تلقتها من رضا من مطار هواري بومدين عائدا من فرنسا يوم 8 أكتوبر ,2011 طالبا منها أن تأخذ ابنيها والعودة إلى المنزل وألا ينتظرونه لأنه ألقي عليه القبض، دون أن يعطي تفاصيل أخرى.
وعن هذه اللحظات، تضيف السيدة بن جمعة: كنت بمطار هواري بومدين يوم توقيف رضا، الذي كان من المنتظر أن يصل في حدود الساعة الخامسة مساء..خرج جميع المسافرين إلا زوجي وعلى غير عادته.. ظننت أنه تم تأخير موعد وصول الطائرة، ولكن بعد حوالي ساعة ونصف من الانتظار، رن الهاتف، وإذا به رضا يكلمني ويطلب مني أخذ الأولاد والرجوع إلى البيت، مرددا عبارة راهم أداوني .
واعترفت الزوجة بأن هذه الكلمات تركت في نفسها علامات استفهام كثيرة، وشعرت بالارتباك، وركبت سيارتها وانطلقت بها عائدة إلى المنزل من دون رضا هذه المرة.. حيث تروي متذكرة: لا أدري كيف وصلت إلى البيت، فولديّ ريان وأنيس كانا يبكيان ولم يتوقفا عن سؤالي عن أبيهما.. كنت أبحث عن جواب أخفّف به من حيرتي أولا وإسكاتهما ثانيا . وبمجرد أن وصلت السيدة بن جمعة إلى البيت، شرعت في الاتصال بأصدقاء رضا، الذين قضوا تلك الليلة يبحثون عن مكان تواجده.. واسترسلت محدثة الخبر والتوتر باديا على ملامحها: كانت صدمتي شديدة عندما بلغني نبأ توقيف رضا في قضية كوكايين، ولكنني اليوم وبعد شهرين من تواجده في سجن سركاجي أحاول إخفاء مشاعري خاصة عن ريان وأنيس. ففي كل مرة أختلق لهما قصة لتبرير غيابه عنا، أحيانا أقول لهما أنه لا يزال في فرنسا، وأن الطائرة تأخرت، غير أن تردد أصدقاء رضا على البيت والحديث المتكرر عنه، جعلهما يدركان حقيقة ما يحدث له . وعن نظرة المجتمع لها ولرضا بسبب هذه القضية تقول السيدة بن جمعة: عرفت رضا قبل زواجنا، وثقتي في براءته كبيرة ولكن ما أعانيه وابنيا اليوم، هو نظرة المجتمع التي لا ترحم، فرضا لا يملك منزلا، وحتى الشقة التي نسكنها مستأجرة، وأنا وريان وأنيس نعيش اليوم على مساعدات الأصدقاء الذين يقدمون لنا يد العون حتى في جمع ثمن القفة التي آخذها كل أسبوع إلى زوجي في السجن، ثم مع تقديري لوسائل الإعلام، إلا أن بعضها أساء لنا من حيث لا يدري .
رسالة من وراء القضبان
وصادف وجودنا في منزل رضا استلام رسالة منه بعد شهرين من تواجده بالمؤسسة العقابية لسركاجي بالعاصمة، تحمل بين طياتها كلاما مقتضبا جدا، ولكن فيه الكثير من الأسى والمعاناة.
ومن بين ما حملته الرسالة، ما كتبه رضا لزوجته: لن أسامح من نشر الأكاذيب ووضع زوجتي وأولادي، وخاصة ولديّ (ريان وأنيس) في هذه المحنة...أنا لست المتهم الرئيسي في القضية، فاسمي هو الأخير في قائمة المشكوك فيهم، ولا علاقة لي تماما بالقضية، إلا الصداقة التي تربطني بأحد المتهمين، ولا أعرف أي أحد آخر، كون الباقي جدد (يقصد في مناصب عملهم بالخطوط الجوية الجزائرية)، ولا نعمل على نفس الطائرة، فأنا ضحية اسمي، وستظهر الحقيقة، وإني أثق في عدالة بلدي، فهذا ابتلاء من عند الله .
أما عن الحالة النفسية لرضا وهو في السجن، فقالت زوجته ماراهوش مليح، أصبح يتناول المهدئات قبل النوم، وهو محبط جدا، وحتى لا يزيد من قلقي يقول لي (راني صابر)، وما أخشاه هو حالته النفسية بعد خروجه من السجن، وإن كنت واثقة من خروجه من هذه المحنة قوي الشخصية والإرادة .
وسألت الخبر السيدة بن جمعة عن آخر زيارة أدتها لزوجها في السجن، فأجابت من دون أن تكمل التفاصيل قائلة: لم يتوقف عن البكاء لأنه لم يستطع احتضان ابنه الصغير أنيس، بسبب العازل الذي فرّق شملنا لأول مرة في حياتنا معا .
أصدقاء أوفياء
وعن علاقة العائلة مع أصدقاء رضا، قبل السجن، أشارت السيدة بن جمعة باعتزاز، وقوف فنانين ومعارف وصفتهم بأصدقاء وقت الضيق، في مقدمتهم محمد روان وحكيم صالحي وبابا عيسى وياسين أوعابد وزعموم رياض، وآخرون لا تحضرها أسماؤهم حاليا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/01/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: رزيقة أدرغال
المصدر : www.elkhabar.com